+ -

 شهر رمضان الكريم له علاقة متينة مع الصّدقة على الفقراء ومواساتهم والرّحمة بهم، وقد ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في وصف حال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في شهر رمضان حيث يقول: “كان رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ ما يكون فى رمضان حِينَ يَلْقَاهُ جبريل، وكان يَلْقَاهُ فى كلّ ليلة من رمضان، فيُدَارِسُهُ القرآن، فلَرَسُولُ الله (صلّى الله عليه وسلّم) أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ”.فحاله صلّى الله عليه وسلّم في شهر رمضان أنّه يكون أجود بالخير من الرّيح المرسلة في سرعتها وعمومها، أي أنّه يكون سريعًا لفعل الخير مواظبًا عليه، ويكون خيره عامًا يشمل الجميع، وكيف لا يكون رمضان كذلك وهو الشّهر الّذي من حكمه الكثيرة تذكّر الفقراء ومعاناتهم مع الجوع، لأنّه لا يحسّ بالجائع إلّا من عانى الجوع مثله، كما لا يحسّ بالمريض إلّا من عانى المرض مثله.ولذلك كان شهر رمضان فرصة للمسلم ليقلّل من النّفقات على بيته ويوجّه اهتمامه لرحمة الفقراء اقتداء بنبيّه صلّى الله عليه وسلّم، وبخاصة في هذا الزّمن الّذي انتشر فيه الفقر وكثر فيه الفقراء وساءت فيه أحوال النّاس إلى درجة كبيرة، والمسلم بدون رمضان مأمور أن يحسّ بإخوانه ويهتم بهم لأنّهم إخوانه كما قال عليه الصّلاة والسّلام: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عضوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”.فالمسلمون ينبغي أن يكونوا هكذا جسدًا واحدًا، إذا أصاب أحدَ أعضائه ألمٌ أو حمىّ سرى ذلك إلى جميع جسده، فكيف إذا كان الأمر في رمضان فإنّ الإحساس بالآخرين ينبغي أن يزداد ويقوى، لما في ذلك من الأجر العظيم عند الله تعالى لقوله عليه الصّلاة والسّلام: “مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ”.إنّ تشريعات الإسلام كلّها لها طابع اجتماعي، وهذه هي روح هذا الدّين العظيم، الّذي جاء ليقيم مجتمعًا متآلفًا متعاونًا متراحمًا لكي تتحقّق مقاصد هذا الدّين في الأمّة الواحدة، وفي الأخوة بين المؤمنين، وما من تشريع إلّا وله هذا الطّابع ويتجلّى ذلك أكثر في رمضان.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات