+ -

 ثمّ إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أخذ يتحسّس أخبار قريش وعددهم عن طريق العيون الّتي بثّها حتّى علم المسلمون أنّهم ما بين التسعمائة والألف وأنّ فيهم عامة زعماء المشركين. وقد كان أرسل أبو سفيان إليهم أن يرجعوا إلى مكّة إذ أنّه قد أحرز العير، ولكن أبا جهل أصرّ المضي، وكان ممّا قال: ”والله لا نرجع حتّى نرد بدرًا فنقيم عليه ثلاثًا، فننحر الجزر ونطعم الطّعام ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا”. فكانت وقعة بدر يوم الجمعة سبع عشرة من رمضان.مكان نزول المؤمنين والمشركين ببدرومضت قريش حتّى نزلوا بالعُدوة القصوى من الوادي، وبعث الله السّماء وكان الوادي دهسا (ليّنا) فأصاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه منها ما لبد لهم الأرض ولم يمنعهم عن السّير، وأصاب قريشًا منها ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يبادرهم إلى الماء، حتّى إذا جاء أدنى ماء من بدر نزل به.ويصوِّر القرآن الكريم هذه الابتهالات الصّادقة فيقول: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِي * وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} الأنفال:9-10، وفي سورة آل عمران ما نصّه: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} آل عمران:123-126.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات