+ -

للإيمان بالله حلاوة عجيبة يجدها مَن عاش في كنف الله وساحته، وهذه الحلاوة واللّذة تنشآن لدى المسلم بممارسة العبادة والالتزام بأوامر الله ونواهيه والإقبال على الطّاعات. وممّا يدلّ على أنّ للإيمان حلاوة قوله عليه الصّلاة والسّلام: “ثلاث مَن كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما، وأن يحب المرء لا يحبّه إلّا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ نجّاه الله منه كما يكره أن يلقى في النّار”. فالّذي يحبّ الله ويحبّ رسوله صلّى الله عليه وسلّم، والّذي يحبّ أخاه المسلم لله وليس لمصلحة دنيوية، والّذي يكره الكفر ويكره أن يعود إليه، لا بد أن يجد لذة لذلك في قلبه، وهذه اللّذة عبّرت عنها رابعة العدوية بقولها: [لو يعلم الملوك ما نحن فيه من السّعادة لقاتلونا عليها]، وعبّر عنها ابن تيمية بقوله: [إنّ في الدّنيا جنّة من لم يدخلها لن يدخل جنّة الآخرة].وممّا يدل عليه أيضًا قوله عليه الصّلاة والسّلام: “النّظرة سهم من سهام إبليس مَن تركها من مخافتي أبدلته إيمانًا يجد حلاوته في قلبه” ومعناه أنّ النّظرة الواحدة من الإنسان إلى المرأة الأجنبية وإلى أموال النّاس شرهًا، وبغضًا، وحسدًا، سهم مسموم من سهام إبليس اللّعين، يسلّط على العبد، فيُصيب به قلب المؤمن، فيُصْليه نار المعصية، والمخالفة، ويبعده عن الله جلّ ذِكرُه، فمَن جاهد نفسه، وترك هذه النّظرة؛ مخافة الله عزّ وجلّ؛ فإنّ الله سيبدله إيمانًا، ويقينًا، يجد حلاوته في قلبه. وثمرة هذه الحلاوة وهذه اللّذة أن يصبح الإيمان مختلطًا بدم المسلم ولحمه لا يستطيع الاستغناء عنه، وهذا المعنى هو الّذي جاء في كلام هرقل عظيم الروم تعليقًا على جواب أبي سفيان بن حرب عندما سأله عن مَن يؤمن بمحمّد هل يرتد سخطة لدينه؟ فأجاب أبو سفيان أن لا، فقال هرقل عند ذلك: “وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب”. فالإيمان حين يخالط القلوب يهون كلّ شيء عند ذلك، وقد أخبر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن قوم كانوا فيمن قبلنا تمكّن الإيمان من قلوبهم فهان كلّ شيء عندهم فقال: “لقد كان فيمن يؤتى بالرّجل فيحفر له حفرة فيوضع فيها ثمّ يؤتى بمنشار من حديد يوضع فوق رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط من حديد ما بين لحمه وعظمه لا يصدّه ذلك عن دينه”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات