تتنافس كل من تونس والمغرب وتركيا مع كل موسم اصطياف على استقطاب واستمالة أكبر عدد ممكن من السياح الجزائريين الذين يصنفون من طرف هذه البلدان على أنهم من ـكثر الشعوب سفرا وإنفاقا خلال رحلاتهم السياحية خارج وطنهم.يتجلى ذلك من خلال الحملة التي أطلقها أول أمس الديوان التونسي للسياحة، الذي تزور رئيسته السيدة وحيدة جعيط الجزائر للالتقاء مع أصحاب وكالات السياحة والأسفار، تحضيرا لموسم هجرة زهاء مليون جزائري نحو شواطئ ومدن الجارة الصغرى تونس.بالنسبة إلى التونسيين، يعتبر السياح الجزائريون أهم رافد وداعم للحركة السياحية في السوق التونسي، وعليه تتوقع أنشطة العديد من القطاعات المعنية مثل الفنادق والنقل والمطاعم والمراكز التجارية.وحسب أرقام الديوان التونسي للسياحة، فإن تونس تعتبر الأكثر جذبا للزوار والسياح الجزائريين، رغم ما يمر به هذا البلد من أوضاع أمنية عكرت وضوح الصورة لدى الكثير من عشاق شواطئ تونس وضيافة سكانها.وبلغة الأرقام، ينفق السائح الجزائري ما بين 400 و800 أورو شاملة تذكرة السفر جوا، على رحلته الى تونس، والتي لا تتجاوز في أغلب الأحيان 15 يوما مع الإقامة في فنادق ثلاث نجوم بنظام نصف المنحة، أي الإيواء وفطور الصباح.بينما ينفق الجزائري ما بين 480 و1140 أورو على رحلته الى المغرب، وما بين 800 و1400 أورو على الأقل على سفرية سياحية إلى تركيا، شاملة تذاكر السفر.وباستثناء الحملات الترويجية التي تطلقها الخطوط الجوية التركية، مع كل موسم اصطياف، من شاكلة خفض أسعار التذاكر، فإن منافستها الملكية المغربية لا ترى في ذلك فائدة على اعتبار أن جميع رحلاتها محجوزة سلفا ولا تحتاج الى ترويج لمقصد المغرب على مدار السنة.. إذ تؤكد موظفة بالخطوط المغربية أن مقاعد الرحلات محجوزة إلى ما بعد شهر أوت القادم.ومنذ ثلاث مواسم، برزت محطات سياحية جديدة في أجندة الكثير من الجزائريين الميسورين، أهمها وجهة ماليزيا وتايلندا والهند وروسيا وأوروبا الشرقية، رغم تكلفتها المرتفعة.. بعدما كانت فرنسا وإمارة دبي تحتكران لعقود الرحلات المنظمة من طرف وكالات السياحة والأسفار لفئة محدودة من الجزائريين.الجزائري مطلوب لأنه الأكثر إنفاقا ورغم هزالة منحة السفر العادية المقررة من طرف السلطات العمومية، والتي لا تتجاوز مبلغ 130 أورو مرة واحدة في السنة، إلا أن السياح الجزائريين يلجأون الى السوق السوداء للتزود بما يسد نفقات السفريات من عملتي الأورو والدولار، تحت أعين وأذان مصالح الأمن التي يعتبرها تجار العملة في ساحة السكوار ومحلات الصرف السرية داخل أحياء العاصمة وباقي المدن.ويفسر الاقتصاديون هذا السلوك بالأريحية المالية التي يتمتع بها السياح الجزائريين، الذين وخلافا لنظرائهم الأوروبيين الذين يقضون عاما كاملا في توفير وادخار نفقات السفر والعطلة السنوية، لا يجدون صعوبة في الحصول على المال المطلوب، في ظل تقصير السلطات العمومية في ممارسة الرقابة على حركة الأموال داخل السوق المحلي.ويعزو هؤلاء رغبة الجزائريين الجامحة في السفر و”الحرقة المؤقتة” إلى التسهيلات التي تمنحها الجارة تونس لهم، إلى درجة أن الكثير من السياح صاروا يتواعدون على اللقاء في إحدى ساحات ومعالم تونس ومنتجعاتها بعدما أصبح ذلك شبه مستحيل في الجزائر بسبب صعوبة التنقل عبر الطرقات وانعدام مرافق الترفيه والتنزه.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات