+ -

 قال الشهرستاني مؤرّخ الفرق والأديان: “وأعظم خِلاف بين الأمّة في الإمَامة، إذْ ما سُلّ سيْف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سُلَّ على الإمَامة في كلّ زمان”، هذه العلاقة المتلازمة بين العنف والسّياسة في دول تغيب فيها المؤسّسات أو يكون الدّين مطيّة للوصول إلى الحُكم، والخطاب الدّاعي للعنف يمكن تسميته بـ”الخطاب السّيفي”، والسيف يرسم اليوم في بعض الرّايات.كان هناك اختلاف بين الفقهاء وعلماء الكلام حول الآيات القرآنية الّتي تُسمّى بـ”آية السّيف”، هل هي منسوخة أم لا؟ يمكن رصْد الرّؤى السّائدة اليوم في فهم أسباب العنف ومبرّراته في ثلاثة اتّجاهات:1- اتّجاه يربط العنف السياسي (الإرهاب) بالظروف الاجتماعية ـ السياسة القاهرة الّتي يمرّ بها الوطن العربي، وهي تزداد تدهورًا مع مرّ السّنين، طبعًا عامل له تأثير قويّ في السّلوك العنفي السياسي، غير أنّ الاكتفاء بهذا التّفسير سوف يجعلنا نغفل عوامل نفسية وثقافية أخرى قد تكون أكثر قدرة على فهم هذه الظاهرة.2- اتّجاه يستند في تفسيراته على المرجعيات الغربية، وبعض هذه المرجعيّات واقع تحت سَطوة الإعلام الغربي الّذي يحاول ربط الإرهاب بالإسلام أو بالموطن العربي.3- اتّجاه يرجع هذا العنف إلى تأويلات فاسدة للنّص الدّيني، أي أنّ قيادات هذه الجماعات تُؤوّل القرآن الكريم تأويلاً غير سليم، ومن هنا تكفيرها للمجتمع والدولة وإعلان الحرب ضدّها، وهذا الاتجاه نجده في كتابات بعضُ مفكّري الإسلام المعاصرين.نحن اليوم في أمسّ الحاجة إلى دراسة نظرية وتجريبية معمّقتين تتجاوز الحكم الآني أو دراسة الظاهرة من خارجها أو السقوط في تبسيطية بحيث يتم إرجاعها إلى أسباب اجتماعية واقتصادية فقط أو إعادة صياغة ما تنتجه المراكز الغربية البحثية وبالتالي تسقط فيما يروّج له الإعلام الغربي في السنوات الأخيرة، مع معاودة تنشيط مخيل “أنثروبولوجي” تشكّل مع حركية الاستيطان منذ قرنين، هذا المخيال يُبدع في رسم الآخر وحشًا عنيفًا مدمّرًا يجب ترويضه واستيطان أرضه من أجل تحضّره.للأسف، هذا المخيال المُضْمر ينبعث بلغة جديدة وبمعجم مختلف، ولكن بمضمون قديم مستغلاً حالات العنف الّتي تمرّ بها البلدان العربية، وهي طبعًا ليست حالات أقلّ من تلك الّتي تشهدها بلدان أوروبية هي ريادية في الحداثة والتقدّم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات