{إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}

+ -

 هذه قاعدة قَبول الأعمال وأهمّيتها لا يعرفها إلاّ مَن فقه في الدّين، وصدق في تعامله مع ربّ العالمين، وعرف قدر نعمة الله عليه بالهداية والتّوفيق، عن عليّ رضي الله عنه قال: كونوا لقبول العمل أشدّ اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله عزّ وجلّ يقول: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}. ويقول فضالة بن عبيد رضي الله عنه: لأَنْ أكون أعلم أنّ الله تقبّل منّي مثقال حبّة من خَردل أحبّ إليَّ من الدّنيا وما فيها؛ لأنّ الله تبارك وتعالى يقول: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}. ويقول أبو الدّرداء: لأن أستَيْقِن أنّ الله قد تقبَّل منّي صلاة واحدة أحبّ إليّ من الدّنيا وما فيها، إنّ الله يقول: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}، وإذ نحن في شهر رمضان فقد قال بعض السّلف: كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلّغهم شهر رمضان ثمّ يدعون الله ستة أشهر أن يتقبّله منهم.ويعني سبحانه وتعالى بقوله: {من المتّقين} أي من الّذين اتّقوا الله وخافوه، بأداء ما كلّفهم من فرائضه، واجتناب ما نهاهم عنه من معصيته. وقد قال جماعة من المفسّرين: {المتّقون} في هذا الموضع، الّذين اتّقوا الشّرك. أي الّذين يتّقون الشّرك الأكبر والأصغر، وهو الرّياء، والمراد أنّهم حملوا أنفسهم على تقوى الله، والإخلاص له في العمل، ثمّ تقرّبوا إليه بالطيّبات فتقبّل الله منهم صالح أعمالهم، فالله تعالى طيّب لا يقبَل إلاّ طيّبًا، وبغير التّقوى تكون العبادات والطّاعات مجرّد مظاهر جوفاء، لا ثمرة لها، ولا جزاء عليها.يقول الإمام الرّازي: [وحقيقة التّقوى أمور: أحدها: أن يكون على خوف ووجل من تقصير نفسه في تلك الطّاعة فيتّقي بأقصَى ما يقدر عليه عن جهات التّقصير، وثانيها: أن يكون في غاية الاتّقاء من أن يأتي بتلك الطّاعة لغَرض سوى طلب مرضاة الله تعالى. وثالثها: أن يتّقي أن يكون لغير الله فيه شركة، وما أصعب رعاية هذه الشّرائط!].نعم ما أصعب رعيها؛ ولهذا لمّا جاء رجل إلى إبراهيم النُّخَعيّ وقال: فعلتُ كذا وكذا فكم ثوابه؟، قال: إذا قُبل فلا تسأل عن ثوابه!!!.

 إمام وأستاذ الشريعة  بالمدرسة العليا للأساتذة

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: