{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً}

38serv

+ -

هذه قاعدة التّفريق بين الصّدق في التّعامل مع الله والتّحايل في ذلك، وهي وإن وردت في فئة خاصة وفي قضية خاصة؛ فلا شكّ أنّ حكمها عام للأشخاص شامل للقضايا، قال تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ}. يقول السّعدي: [بيّن تعالى أن المتخلّفين من المنافقين قد ظهر منهم من القرائن ما يبيّن أنّهم ما قصدوا الخروج للجهاد بالكليّة، وأنّ أعذارهم الّتي اعتذروها باطلة، فإنّ العذر هو المانع الّذي يمنع إذا بذل العبد وسعه، وسعى في أسباب الخروج، ثمّ منعه مانع شرعي، فهذا الّذي يعذر. وأمّا هؤلاء المنافقون فـ{لَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} أي: لاستعدّوا وعملوا ما يمكنهم من الأسباب، ولكن لمّا لم يعدّوا له عُدّة، علم أنّهم ما أرادوا الخروج].

هذه الآية تكشف عن وجه من وجوه الّذين تخلّفوا عن غزوة تبوك، وقدّموا بين يدي رسول الله أعذارهم الكاذبة. فهؤلاء الّذين تخلّفوا لم يكونوا على نيّة الجهاد فى سبيل الله، وأنّهم لو كانوا على تلك النّية لأعدّوا للجهاد عدّته، ولأخذوا له أهبته، حتّى إذا دعا الدّاعي إليه، كانوا وكان بين أيديهم أدوات الجهاد وعدّته.. ولكنّهم لم يكونوا أبدًا على نيّة الجهاد، بل كانوا على كره قائم في نفوسهم له، فكره الله انبعاثهم، وانطلاقهم مع المجاهدين، ففي تردّدهم دلالة على أنّهم لا يريدون الخروج للجهاد؛ ولو كانوا عازمين بالفعل على ذلك لأعدّوا ما يلزمهم للحرب من الزّاد الرّاحلة والسّلاح، ولكنّهم لم يفعلوا شيئًا من هذا قطّ؛ لأنّهم افتقدوا النّية الصّادقة للجهاد في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات