السينوغرافية والديكور البسيط لتشريح الواقع الجزائري

+ -

قدّم المخرج جمال ڤرمي، أمس الأول، بالمسرح الوطني محي الدين بشطارزي في العاصمة، العرض الأول لمسرحيته الأخيرة التي تحمل عنوان “يا شاري دالة”، من بطولة الفنان مراد خان ومجموعة من الفنانين المسرحيين الجزائريين، أبرزهم رضوان مرابط، آسيا عمروش ولويزة نهار، الذين حاولوا خلال ساعة وربع من الزمن، تشريح الواقع الجزائري كما رسمه صاحب النص سيد علي بوشافع.قضى جمهور وعشاق الفن الرابع، سهرة يوم أول أمس مع الكوميديا السوداء التي تحاكي الواقع الجزائري وتقدم لوحات فنية للظواهر الاجتماعية السلبية التي باتت تمزق نسيج المجتمع الجزائري، على غرار ظاهرة الطمع وحب المال. وقد رسم المخرج المشهد باعتماده السينوغرافية البسيطة التي صمّمها السينوغرافي مبروك بدري وديكور متواضع، مما جعل القصة التي سارت على خط سير تشخيص حياة بطليها “الوردي” و”بوعلام”، أقرب إلى الجمهور الذي حضر العرض وتفاعل بشكل كبير مع مشاهد السخرية السوداء التي أراد المخرج تسليط الضوء عليها. وقال جمال ڤرمي، على هامش العرض، أن المسرحية تعتبر محاولة لاختزال العبث الموجود في الواقع، وقد تطلّب منه الوصول إلى هذه الوضعية البحث عن أكبر قدر من السخرية، كما يوحي عنوان المسرحية “يا شاري دالة” المستوحى من مثل شعبي جزائري، فإن العرض غاص عميقا في الواقعية مقدما مشاهد إنسانية كالطلاق في قالب الكوميديا السوداء، وهو المنهج الذي اعتبره المخرج جمال ڤرمي الأقرب لمحاورة الجمهور الجزائري المتعطش لمعالجة مواضيع بطريقة جزائرية على خشبة المسرح دون محاولة تجميل الواقع. وحرص المخرج على إعطاء المساحة الأكبر للممثلين على خشبة المسرح للتعبير عن مشاعرهم، سيما فيما يخص دور الممثل مراد خان الذي يتمتع بخبرة طويلة في التمثيل، مما جعله يركز على الارتجال في بعض الأحيان ليقود العرض إلى الحقيقة، من خلال استخدام كلمات بسيطة تصور الحالات الموجودة في الواقع المظلم بالطريقة التي اشتهر بها هذا النمط المسرحي لأول مرة منذ سنوات الستينيات من القرن الماضي على يد كتّاب عالميين وفرقة مونتي بايثون البريطانية التي كانت تقدم الكوميديا السوداء على خشبة مسارح لندن، قبل أن يتحول النمودج إلى العالمية لمعالجة الحالات المأساوية في تصرفات المجتمع، وهو شأن “يا شاري دالة” التي عرفت كيف تعزف على حس جمهور مسرح محي الدين بشطارزي، مما جعل تفاعل الجمهور قوي بعد شعورهم بأن العمل قريب جدا منهم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: