+ -

 يتساءل بعض الناس: لماذا يحتج سكان بعض المدن على عدم ترقيتها إلى ولايات؟! فماذا يعني ترقية مدينة ما إلى ولاية؟!الترقية إلى ولاية يعني الاستفادة من ريع السلطة بطريقة آلية... فالإدارة في الجزائر هي الجهاز الوحيد الذي يقوم بتوزيع الثورة الريعية! لهذا نلاحظ أن الولايات تأكل حق الدوائر في الأموال والمشاريع، والدوائر تأكل حق البلديات في المشاريع والأموال، والبلديات تأكل حق المداشر والأحياء!مشكلتنا التنموية معقدة أكثر من اللازم، فالإدارة كأداة للسلطة في توزيع الثروة فشلت فشلا ذريعا في توزيع هذه الثروة بعدالة على كل السكان! فالعاصمة بواسطة الحكومة تأخذ 40% من مقدرات البلاد المالية والمشاريعية والأنشطة الاقتصادية في البلاد، والـ60% الباقية تأخذها مقرات الولايات والدوائر، ولا يصل إلى الشعب في المداشر والقرى سوى القليل من القليل! لهذا يتظاهر السكان لأجل رفع مدنهم إلى مصاف ولايات!لا أتحدث عن الجوانب البيروقراطية المتعلقة بالخدمات الإدارية وما شابهها، والتي عادة ما تمثل عذابا أليما للسكان كلما بعدت مقرات الولاية والدائرة عنهم!ولاية جديدة تعني مديريات جديدة ومديرين ومباني وموظفين.. أي تعني خلق مناصب شغل بلا شغل طبعا مثلما هو الحال في العديد من الولايات، وبذلك فتحت السلطة جبهة أخرى للاضطرابات والاحتجاجات. عندما انخفضت أسعار البترول في الثمانينات وشحت الموارد، لاحظ الجميع معارك عديدة نشبت بين المسؤولين على المستوى المحلي والمركزي في حكاية توزيع المشاريع القليلة على الولايات والدوائر والبلديات، وكانت ظاهرة النفوذ والقوة داخل أجهزة الدولة من الولاية إلى الوزارة وحتى الرئاسة، هي الوسيلة الوحيدة “لخطف” المشاريع، وتكونت جمعيات الضغط عبر الولايات في سياق سياسة تخاطف المصالح بين هذه الجهة أو تلك! اليوم يمكن أن تلعب جهوية السلطة أدوارا كارثية في عمليات توزيع الثروة بعد (الشح) المالي المرتقب.. ولهذا فإن العراك حول المدن التي تريد أن تصبح ولايات بالضغط الشعبي، ما هي إلا مظهر من مظاهر الصراع حول عائدات النفط القليلة.المؤسف أن الحكومة تتصرف في هذا الموضوع الحساس كما تصرفت من قبل مع قضية الأجور وقوانين العمل، حين ألغت القانون العام للعامل وتركت الباب مفتوحا للفوضى في الاحتجاجات، وهو ما أدى إلى كارثة الاضطرابات الاجتماعية التي لا تتوقف والتي أدت إلى زيادة تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي وجعلت الحكومة عبارة عن جثة سياسية تسحلها المظاهرات والاحتجاجات اليومية للعمال والشعب.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات