“مصر تخشى تسلل جهاديين من غزة إلى أراضيها وتسعى لإنهاء العدوان دبلوماسيا”

+ -

ما تعليقك على قرار السلطات المصرية غلق معبر رفح مع قطاع غزة بعد يوم من فتحه جزئيا؟ أعتقد أن فتح المعبر كان هدفه الأساسي إنسانيا، وهو نقل عدد من الجرحى ومرافقيهم إلى المستشفيات المصرية، ولكن السلطات المصرية معنية الآن بفتح المعبر في اتجاه واحد، وذلك لعدة أسباب أهمها إدخال مساعدات طبية وغذائية عاجلة للقطاع، ولكن هناك تخوف مصري من فتح المعبر في هذه الظروف أمام المسافرين، وذلك خوفا من حالة نزوح جماعي كبيرة في حالة تحول العدوان إلى حرب برية، فالجانب المصري يتخوف من خطة إسرائيلية لتفريغ القطاع من سكانه أو جزء منهم وخلق أزمة لاجئين في سيناء، السبب الآخر والأهم هو تخوف الإدارة المصرية من تسلل عناصر حمساوية أو جهادية من القطاع إلى سيناء والقيام بعمليات عسكرية ضد الكيان الصهيوني انطلاقا من أراض مصرية، وهو ما يمكن أن يورط مصر أو على الأقل يحرجها أمام الإدارة الأمريكية، خاصة لو تطور الأمر وردت إسرائيل باستهداف عناصر أو مجموعات جهادية داخل الأرض المصرية، وهو ما يعني وقتها أن الجيش المصري ملزم بالرد عسكريا على هذا العمل الإسرائيلي، وأعتقد أن الجهود المصرية متركزة على اتصالات دبلوماسية وتوقيع اتفاق وقف إطلاق نار، أو على الأقل الاكتفاء باتفاق 2012 ووقف إطلاق النار بين الطرفين دون شروط، وهو موقف قد توافق عليه إسرائيل، لأنه الأفضل بالنسبة لها، لأن فيه اعترافا فلسطينيا بأن أعمال المقاومة هي أعمال عدائية، وتم توقيع الاتفاق حينها برعاية الرئيس المصري المعزول محمد مرسي.وفي ظل هذا الوضع، ما الذي يجب على مصر أن تفعله لحماية أمنها القومي وإنهاء العدوان الصهيوني على القطاع؟ الجهود الدبلوماسية هو ما تقوم به مصر بالفعل، لكن الوضع المصري حرج بالنسبة لهذه الأزمة، فالإدارة الجديدة ليست على علاقة جيدة بحماس، وكانت تتمنى لو أنها تعاملت مع القيادة في رام الله فقط، لكنها مجبرة الآن على التعامل مع حماس بل ومساعدتها، وعليه فإن مصر ستنفذ الشق السياسي بصفة رسمية، وستترك المساعدات المالية والإنسانية بمختلف صورها لجهات شعبية ونقابية، وأعتقد أن الحرب الدائرة الآن ستكون فرصة جيدة لحماس لترطيب علاقتها المتوترة مع مصر وبدء صفحة جديدة في العلاقات بين الطرفين.هل تعتقدون أن القوى الإقليمية الأخرى، وأقصد تركيا وإيران وباقي الدول العربية، قادرة على القيام بأي خطوات لإنهاء هذه المجازر؟ السؤال يرد عليه بسؤال، ومتى تدخلت هذه القوى الإقليمية لوقف عدوان إسرائيلي على غزة؟ للأسف لم يحدث ذلك أبدا، وكل ما قامت به تركيا في السابق كان استهلاكا إعلاميا، بينما قنوات الاتصال والتعاون بين أنقرة وتل أبيب لم تتوقف، وبعض هذا التعاون عسكري. أما الموقف الإيراني فهو دائما خطابات سياسية وتصريحات إعلامية، وللأمانة ليس بيدها شيء تضغط به على إسرائيل لوقف الحرب إلا بالقوة العسكرية، وهو أمر مستبعد تماما، على عكس الوضع التركي، فأنقرة بيدها أوراق ضغط حقيقية لإجبار إسرائيل على وقف العدوان، ولكنها لا تستخدمها وتحرص على علاقات وثيقة مع تل أبيب، ودائما ما يلقى بعبء وقف الحرب على الجانب المصري، لأنه على علاقة بالطرفين، وفضلا عن اطلاعه على تفاصيل المشهد الفلسطيني، وله أدواته في إقناع الطرفين بوقف الحرب، ولكن سؤالك يفتح الباب أمام ملحوظة أخرى هي حالة الصمت العربي المريب تجاه العدوان، فحتى هذه البيانات الخجولة التي كنا نسمعها في الماضي والتي لا تسمن ولا تغني من جوع لم نعد نراها للأسف، حتى بيانات الشجب والاستنكار، لم نسمع خطابا عنتريا من الشيخ يوسف القرضاوي يطالب بتحريك الجيوش أو تقديم السلاح كما حدث في الحالة السورية، ويبدو أننا أمام مشهد جزء رئيسي منه هو التواطؤ العربي، ويبدو أن بعض العرب ينتظرون نتائج سريعة ونجاحا إسرائيليا في كسر عظام المقاومة قبل أن يصدروا بيان شجب لا قيمة له.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: