لا يوجد عاقل في الدّنيا لا يحرص على الحياة الطيّبة فيها، هذا ممّا لا ريب فيه، والقرآن الكريم بيّن بيانًا لا لبس فيه سبيل هذه الحياة، فقال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} النّحل:97. قال ابن كثير: [هذا وعد من الله تعالى لمَن عمل صالحًا وقلبه مؤمن بالله ورسوله، بأنّ يحييه الله حياة طيّبة في الدّنيا وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدّار الآخرة. والحياة الطيّبة تشمل وجوه الرّاحة من أيّ جهة كانت. وقد فسّرها جماعة بالرّزق الحلال الطيّب. وقيل: القناعة. وقيل: إنّها السّعادة. وقيل: هي الرّزق الحلال والعبادة في الدّنيا. وقيل: هي العمل بالطّاعة والانشراح بها. وقيل: حلاوة الطّاعة، وقيل: العافية والكفاية، وقيل: الرّضى بالقضاء والصّحيح أنّ الحياة الطيّبة تشمل هذا كلّه]. بتصرف.
فالمراد بالحياة، هي الحياة الدّنيا، وطيّب هذه الحياة يجيء من نفحات الإيمان بالله، تلك النّفحات الّتي تثلج الصّدر بالطمأنينة، والرّضا، وتدفئ النّفس بالرّجاء والأمل، بتلك القوّة الّتي لا حدود لها، والّتي منها مصادر الأمور، وإليها مصائرها.. وذلك كلّه من عاجل الثّواب الجزيل الّذي أعدّه الله لعباده المؤمنين. هذه هي النتيجة الطبيعة للعمل الصّالح الّذي يبتغي صاحبه وجه الله والدّار الآخرة، فيجمع الله له حظّين من الجزاء، حظًّا في الدّنيا بالحياة الطيّبة الهانئة، وحظًّا في الآخرة: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}، كما قال تعالى: {لِلّذين أحْسَنوا في هذه الدُّنيا حَسنَة ولَدَارُ الآخرةِ خَيْر}.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات