وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا

38serv

+ -

هذه قاعدة عظيمة القدر عظيمة النّفع عظيمة الأثر، إذ تعالج موضوعًا زلّت فيه أقدام وطاشت فيه أفهام، وزاغت فيه عقول، وضلّت فيه أقوام، وهو موضوع الرّزق من حيث عمومُه لا من حيث الأفراد، أيّ من حيث الأمم والجماعات كيف نجد أممًا غنية على كفرها متمتعة بلذائذ الحياة ومتعها، ونجد أممًا فقيرة على إسلامها تعيش شظف العيش وشدته؟ فالله عزّ وجلّ يقول: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} الإسراء:20، وهذا مظهر من مظاهر ربوبيته سبحانه، فهو ربّ الخلق جميعًا كافرهم ومؤمنهم؛ لذا فهو رازقهم جميعًا لا رازق معه، ومظهر من مظاهر رحمته أيضًا الّتي لم يخرج عن ظلّها مخلوق حتّى من كفر وعتا {ورَحْمَتِي وَسِعَت كلَّ شيء}، فالله تعالى لم يترك خلقه من أثر رحمته حتّى الكفرة منهم الّذين لا يؤمنون بلقائه فقد أعطاهم من نعمة الدّنيا على حسب ما قدّر لهم وأعطى المؤمنين خيري الدّنيا والآخرة.

ولَمّا نقرأ هذه القاعدة في سِياقها مع سِباقها ولِحاقها يزداد معناها بيانًا وحكمتها ظهورًا: {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً}.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات