38serv

+ -

يُحكى عن أبي عبيد العالم الزّاهد، الراوية الثقة، أنّه قال: ما دققتُ بابا على عالم قطّ حتّى يخرج في وقت خروجه. وهناك في سورة النّور يحذّر القرآن المنافقين الّذين يتسلّلون ويذهبون دون إذن الرّسول الكريم، يلوذ بعضهم ببعض ويتدارى بعضهم ببعض، ألَا يدرون أنّ عين الله عليهم وإن كانت عين الرّسول صلىّ الله عليه وسلّم لا تراهم؟ وحركة التخلّي والتسلّل بحذر من المجلس هذه تمثّل الجبن عن المواجهة وحقارة الحركة والشّعور المصاحب لها في النّفوس.. والقرآن يحذّر هؤلاء ومن على شاكلتهم في كلّ زمان ومكان {أنْ تُصِبْهُمْ فِتْنَةٌ أوْ يُصِيبهُمْ عَذَابٌ ألِيم}.

وإنّه لتحذير مرهوب وتهديد رهيب، فليَحذر الّذين يخالفون عن أمره، ويتَّبعون نهجًا غير نهجه، ويتسلّلون من الصفّ ابتغاء منفعة أو اتقاء مضرّة ليحذروا أن تصبهم فتنة تضطرب فيها المقاييس، وتختل فيها الموازين، وينتكث فيها النّظام، فيختلط الحقّ بالباطل والطيّب بالخبيث وتفسد أمور الجماعة وحياتها فلا يأمن على نفسه أحد ولا يقف عند حدّه أحد، ولا يتميّز فيها خير من شرّ وهي فترة شقاء للجميع، أو يُصيبهم عذاب أليم في دنياهم وآخرتهم جزاء المخالفة عن أمر الله ونهجه الّذي ارتضاه للحياة، وجزاء إعراضهم عن هدي الله جلّ عُلاه. وفي سورة طه يشخّص لنا القرآن هذا الدّاء الّذي أصاب بعدواه أبناء الأمّة الإسلامية قاطبة ويوضّح لنا نتائجه وأسبابه، قال تعالى: {فَمَن اتَّبَع هُدايَ فلاَ يَضلّ ولا يُشَقَى ومَنْ أعْرَضَ عَن ذِكْري فإنّ لهُ مَعيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُره يوْمَ الْقِيامَةِ أعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشرْتَنِي أعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قالَ كَذَلِكَ أتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى وَكذلِكَ نَجْزِي مَنْ أسْرَفَ وَلَمْ يُومِنْ بآيَاتِ ربِّهِ وَلَعَذاب الآخِرَة أشَدّ وأبْقَى} 124/1

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات