تعدّ مدرسة “الكتانية” من أهم المعالم في مدينة قسنطينة، أعاد بناءها صالح باي، قبل أن تحوّله الإدارة الفرنسية إلى محكمة عسكرية، حوكم فيها قائدَا الحركات والثورات الشّعبية الشّيخ المقراني والحدّاد.تعود تسمية “سيّدي الكتاني” إلى الكتاني عبد الله بن الهادي بن يحيى الثالث، شيخ مربٍّ وعارف مُصلح، وصف بالوليّ الصّالح الإمام القطب، توفي عام 490 هجري، دفن في قسنطينة وبني عليه ضريح ومسجد جامع ومدرسة قرآنية.أسّسها صالح بن مصطفى أزمرلي المولود بمدينة أزمير سنة 1725م الّذي اضطر للهجرة والتجنّد في الجيش، ليبعث مع فرقته إلى قسنطينة، ولأنّه كان يمتاز بشجاعته عيّنه الباي صالح كقائد وزوّجه ببنته، توفي سنة 1773م، ودفن بالمقبرة العائلية الموجودة داخل سيّدي كتاني لحدّ السّاعة رفقة صالح باي و12 آخر من عائلته.وقد أصدر صالح باي قانونًا خاصًا بالمدرسة في سبتمبر 1780م، ينصّ على ضرورة قراءة 4 أحزاب يوميًا، ولا يقبل في المدرسة إلّا الفتيان الّذين يحفظون القرآن حنفيين أو مالكيين، كما أنّ الطالب الّذي لا يسلك سلوكًا حسنًا مع رفاقه ويكون غير مهذّب في أعماله أو في كلامه يتلقّى 3 إنذارات متتالية وبعد ذلك يُطرَد إذا لم تتحسّن سيرته، وقد كان الباي بنفسه من يُعيّن الأساتذة يؤجرون من ميزانية المساجد، يدرّسون النّحو والفقه وتفسير القرآن وعلم الحديث ويحدّد قائمة الحَفظة والدّارسين.ولعبت مدرسة سيدي الكتاني دورًا في الحياة الثقافية في الجزائر في عهد الاستعمار الفرنسي، وظلّت تنشر تعليمًا وفق نظام تدريس دقيق، يضبَط أوقات التّدريس والتغيّبات وعدد أحزاب القرآن المتلُوَة كلّ يوم وشروط الإقامة في المدرسة، وبقيت المدرسة محافظة على نفس النّظام لسنوات وذاع صيتها لدرجة أنّ المدرسة قورنت بمدارس فرنسية.وتحوّلَت المدرسة الّتي لا تزال صامدة في وجه الزمن الآن إلى معهد وطني لتكوين الأسلاك الخاصة بإدارة وزارة الشّؤون الدّينية والأوقاف، من أئمة وأساتذة التّعليم القرآني والأعوان الدّينيين من مؤذّنين وقيّمين.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات