أحب أن أتحدث عن علاقة المثقف والكاتب بالصيف لا برمضان فحسب، خاصة أن شهر الصيام يحل ضيفا على المسلمين في هذا الفصل منذ سنوات. وأعتقد أن للكتاب -عبر العالم- طقوسا خاصة في الصيف تتمثل عند بعضهم في التفرغ للكتابة بعد صخب السنة ومتاعب العمل، وعند البعض الآخر في القراءات “الصيفية” المرتبطة بالرواية والمتابعات الثقافية الخفيفة بعيدا عن كل قراءة ترتبط بالهم الفكري والتنظيري. يرتبط الصيف بالبحر والشمس والمطالعة والكسل اللذيذ، وربما أيضا بالنشاط غير العادي للذباب كما كان يعبر تولستوي. ولكن هذا لا ينفي أن لرمضان خصوصية باعتباره شهرا يتمتع بالقداسة عندنا من جهة، وباعتباره أيضا شهرا يرتبط بتغير إيقاع اليوم بين لحظتي الفجر والإفطار ثم تقاليد السهر المعروفة. والمؤسف أن رمضان عندنا يبدو فعلا شهرا يصيب عود الحياة بالجفاف، ويطبع العلاقات العامة بالتوتر رغم ادعاءاتنا التي لا تنتهي عن “روحانية” ثقافتنا وتقاليدنا الألفية التي لم ندرسها جيدا بصورة تفكيكية تنزع عنها “حجاب الألفة” وتظهرها على حقيقتها عارية من ضغط الاعتقاد الاجتماعي العام.أميل عادة في الصيف إلى القراءات الأدبية والفكرية الكلاسيكية المؤسسة، كما ألتزم بمتابعة الأخبار الثقافية والمساهمات التي أراها مهمة. أحب شخصيا القراءات التي تجلب لي شموسا صغيرة تكتنف عتمة الحياة وعبثيتها، أو ترج الضجر وهو يلفع الأشياء. أحب الكسل الصيفي والالتزام بسماع الموسيقى الكلاسيكية طيلة اليوم.. هذه وصفتي الصغيرة في معاشرة الوقت صيفا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات