ورد في الحديث الشّريف عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: “لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا، فَلْيَصُمْهُ” متفق عليه، ومعنى “لا تقدّموا” أي لا تتقدّموا، هذا الحديث يدل على النّهي عن صيام يوم الشّك، والسبب في ذلك كراهة أن يدخل صيام شعبان برمضان. وقد استحب بعض السّلف أن يفصلوا بين شعبان ورمضان بفطر يوم أو أيّام، كما كانوا يستحبّون أن يفصلوا بين صلاة الفرض والنّافلة بكلام أو مشي أو تقدّم أو تأخّر من المكان، وكذلك نهى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن ذلك تحذيرًا ممّا صنعته النّصارى في الزّيادة على ما افترض اللّه عليهم برأيهم الفاسد، وقد كان صلّى اللّه عليه وسلّم يأمر بمخالفة أهل الكتاب.والنّهي هنا للكراهة، وذهب بعضهم وهم الشّافعية إلى حُرمة صيام يوم الشك لهذا الحديث لمَن لم يصادف عادة له، وللحديث الآخر الّذي رواه أبو داود: “إذا انتصف شعبان فلا صيام حتّى يكون رمضان”، والمَنهي عنه في الحديث هو أن يَبتدئ المرء متبرّعًا به من غير إيجاب نذر ولا عادة قد تعوَّدَها فيما مضى احتياطًا لرمضان، أمّا إن كان الرجل قد نُذُر صيام آخر الشّهور، أو صادفَ يومُ الشك صيامًا اعتاده كصيامِ نفلٍ، فله أن يمضيه ولا شيء عليه، وروي أيضًا في النّهي عن صيام يوم الشك قول عمار بن ياسر رضي اللّه عنهما: “مَن صام يوم الشكّ فقد عصى أبَا القاسم” رواه البخاري، ويؤكّد هذا أيضًا قوله عليه الصّلاة والسّلام: “لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلالَ، وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ” وقوله أيضًا: “الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَلا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ الْهلالَ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ”، وهي كلّها نصوص تؤكّد على عدم تقدّم رمضان بصيام يوم الشكّ والالتزام بما افترض اللّه علينا فقط.ومع هذه النّصوص الكثيرة في النّهي عن تقدّم شهر رمضان بصيام يوم أو بيومين، وعن صيام يوم الشكّ كما رأينا، فقد اختلف الفقهاء في صيامه بين من جوّزه ومن منعه، فروي عن مالك بن أنس وغيره كراهة صيام يوم الشكّ، للأحاديث والآثار الّتي سبقت، وروي عن ابن عمر رضي اللّه عنهما أنّه كان يصوم يوم الشكّ إذا حال دون رؤية الهلال غيمٌ أو سحابٌ، وإن لم يكن ذلك لم يصمه وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل، وكانت أمّ المؤمنين عائشة تصوم يوم الشكّ وتقول: “لأن أصوم يومًا من شعبان أحبّ إليّ من أن أفطر يومًا من رمضان”، وأمّا الشافعي فقال: “لا أحبّ لأحد أن يتعمّد صيام يوم الشكّ تطوّعًا”.هذه بعض الأقوال لبعض الفقهاء حول صيام يوم الشكّ وتقدّم رمضان بصيام يوم أو يومين، في تفسير ما ورد من نصوص وآثار في هذا اليوم، واللّه أعلم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات