اعتبر الخبير الدولي ودكتور الاقتصاد في مقاطعة مونتروي الفرنسية أن فرنسا تأخرت كثيرا في الجزائر، وظلت لعدة سنوات تعتبر السوق الجزائري منفذا لتسريب منتجاتها وبضائعها، كما أبقت على مقاربة نيوكولونيالية أسفرت عن انكماش تدريجي لحصتها ولمصالحها الاقتصادية، وكشف ساري أن الشركات الفرنسية الكبيرة ظلت لسنوات بعيدة عن الجزائر، وكانت لديها تعليمات بعدم التوجه إلى الجزائر لانعدام الأمن وخطورة الوضعية، وكان السلوك الفرنسي مكلفا خاصة مع الاختراق الصيني الكبير.وأشار الدكتور في تصريح لـ“الخبر”: “يجب أن ندرك أن العلاقات الاقتصادية بين باريس والجزائر وبين فرنسا ودول المغرب العربي ظلت وثيقة لسنوات بعد الاستقلال. وعلى عكس المعتقَد، فإن الجزائر لم تكن منذ منتصف الستينات تابعة لفرنسا اقتصاديا، ولكن من حيث بنية التجارة، كانت 80% من المؤسسات الصغيرة الجزائرية تتعامل تجاريا مع فرنسا، نظرا لطبيعة العلاقات الإنسانية القائمة وسهولة التعامل لغويا، ولكن مع بداية التسعينات بدأ الدور الصيني يتعاظم وينمو بسرعة في الجزائر والمغرب.وأوضح ساري “الصينيون تبنوا استراتيجية هجومية، ففي المغرب مثلا اكتسحوا تجارة الجملة وأقاموا شبكات تجارية أصحبت واسطة مع البلد الأم سواء تجار أو صناعيين، بالمقابل كان الفرنسيون يكتفون بتعيين خبراء أو إيفاد متعاملين يستفيدون من أجور معتبرة وتعويضات، فضلا عن ذلك فإن الصينيين أبانوا عن قدرة كبيرة للتأقلم، ويعتمدون أسعارا لا يمكن منافستها بفعل سياسات إغراق واضحة”. وقال كامي ساري “لقد ارتكب الفرنسيون أخطاء تقديرية في فترات حساسة خاصة التسعينات، ففي الوقت الذي لم يتردد الصينيون في الحضور إلى الجزائر، كانت هناك تعليمات أو نصائح للشركات الكبرى الفرنسية بعدم التوجه إلى الجزائر التي تعتبر سوقا ذات مخاطر عالية، ونفس الأمر كان بارزا في توصيات هيئة التأمين والضمان كوفاس، وعليه فإن الفرنسيين كانوا غائبين، واليوم يقومون بتدارك الأمر بمساعدة دبلوماسية الأعمال التي جسدها جون بيار رافارين بالخصوص”. ومع ذلك يضيف كاميل ساري، فإن دعم الدولة لا يكفي لاسترجاع ما تم فقدانه في السوق الجزائري.ومن بين نقاط الضعف لدى الجانب الفرنسي حسب كامي ساري: محدودية العرض، ففرنسا كانت تقترح منتجات لمنتجات لم تعد توفرها اليوم وكان بإمكانها اقتراحها وهو غير قائم اليوم، فنسبة الصناعة في فرنسا تراجعت من 30% إلى 13% من الناتج المحلي الخام، وسجل تراجع وزوال العديد من المؤسسات الفرنسية، وبقاء مجمعات كبيرة تشكل القوة الضاربة، مقابل عرض متنوع للصينيين والأتراك.في نفس السياق، أكد ساري “نلاحظ مثلا أن عدد الشركات الفرنسية التي كانت حاضرة في معرض الجزائر الدولي بلغت مع نهاية التسعينات وبداية الألفية: أكثر من 350 شركة ومؤسسة، بينما أصبحت في 2012 و2013 لا تتعدى 100، وهي شركات خدمات أساسا”. مضيفا “لقد نظر الفرنسيون طويلا للجزائر على أنها متنفس ومنفذ لتصريف السلع والبضائع، وأخطؤوا في التعامل، وكان ذلك مكلفا، لأن مثل هذا المسعى اعتبر مقاربة نيوكولونياليـة، حيـث يتم تسويق أي شيء.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات