في حصة “كنال فوت” التّي بثّتها قناة “كنال ألجيري”، ليوم الأحد 11 ماي، وفي ركن فريق أو نادي الأسبوع، قُدمت التشكيلة بصور اللاعبين ماعدا زافور، لاعب شبيبة بجاية، بل لم يكلّف القائمون على الحصة أنفسهم حتّى كتابة اسمه. وفي مقابلة بُثّت على المباشر يوم السبت 25 ماي، جمعت بين فريق العلمة ومولودية الجزائر، انقطعت الصورة، ولم يتمكّن تقنيو تلفزتنا من إرجاعها، وبقي المشاهد يتابع الكاميرا الخفيّة لمدة شوط كامل على أمل الرجوع به للملعب. وفي حصة “ساعة رياضة”، ليوم الاثنين 26 ماي، وعند الحديث عن تاريخ كأس العالم لكرة القدّم، ختم الصحفي كلامه عن دورة الولايات المتحدة الأمريكية بأنّها حققت رقما قياسيا من حيث عدد متتبعيها، إذ بلغ عددهم في المقابلة النهائية 33 مليارا عبر العالم (!؟).يحدث هذا ونحن نعيش عالم الرقمنة، يحدث في عصرٍ تميّزه المنافسة الإعلامية الشرسة على استقطاب واستمالة المشاهدين، يحدث هذا والشباب المسكين يطمح ويحلم بإنشاء قناة متخصصة في الرياضة. ترجع بيّ الذاكرة إلى سنة 1994، في دورة تونس لكأس إفريقيا لكرة القدّم، وفي مباراة جمعت الفريق السنغالي بالفريق الزامبي، حيث لم يميّز الصحفي المعلق بين الفريقين طيلة شوط كامل، حسب السنغال زامبيا وزامبيا السنغال، رغم كون أسماء اللاعبين مكتوبة وبالخط العريض على أقمصتهم، ورغم حمل لاعبي السنيغال لاسم بلادهم على صدورهم. أتعجب وأنا أتفرج كلّ يوم النشرة الرياضية التّي تعقب نشرة الثامنة، حيث لا يجدّ المقدّم ما يقول. ما الفائدة من خبر إهداء فريق فالونسيا قميصا لفيغولي، ومن تصريح بوڤرة بقدرة الفريق الوطني على تخطي الدور الأول من كأس العالم.. وما الفائدة من تقديم أخبار أذيعت عبر مختلف الفضائيات قبل يوم أو يومين، وأحيانا تقدّم دون صور.النشرة لا تدوم سوى دقائق، وهي فقيرة جدا، في الوقت الذّي تملك الدول الأخرى قنوات رياضية كاملة لا تتوقف عن البث طيلة اليوم، وبعضها أقل منا بكثير ماليا، إعلاميا، وحتّى مساحة. لو قارنا بين قطر والجزائر مثلا لقلنا كم هي أصغر منا مساحة وتعدادا وإمكانات بشريّة وحتّى مادية، ولو قارنا بين قناتها الرياضية لقلنا كم نحن صغارا وكم نحن ضعافا.إنّ إدماننا على قنوات ما وراء البحر ليس كرها منا لبلادنا وإعلامنا، ولا حبا لهم، لكن ولعا وانجذابا للعمل المحترف، وهجرنا لتلفزتنا إنّما ناتج عن بدائية العمل وبساطته.. لو كان القائمون على الإعلام ببلادنا يعلمون.نحن في عالم إعلامي متطوّر جدا، القنوات تغزونا من كلّ مكان وتسعى لفرض منطقها بكلّ الطرق والوسائل، ونحن مازلنا نقع في أخطاء لم يعد العقل البشري يستسيغها، ونعتمد على أساليب أكل الدهر عليها وشرب. اليتم لم يعد في امتلاك قناة واحدة إنّما في انتهاج أسلوب واحد، بعيد عن الاحترافية والعالمية.الجزائر، هذا البلد القارة يستحق أكثر من هذا، الجزائر جديرة بالريادة في كلّ المجالات. أليست أكبر دولة في إفريقيا؟ ومن أغنى دولها؟ ألا تملك كلّ القدرات والإمكانات: المادية والبشرية والطبيعية.. والتاريخية؟لاشك أنّ القائمين على تلك القنوات يفكرون ويخططون، ويدسّون وراء برامجها أهدافا ونوايا أبعد بكثير من مجرّد برامج ترفيهية أو توعويّة.. ألم تتساءلوا يوما لماذا الفأر جيري يتغلّب دوما على القط توم في الرسوم المتحركة الأمريكية؟ أم هي مجرّد لعبة وتسليّة؟ حسب تقرير لليونسكو أعدّ في 1972 فإنّ الفرد الأوروبي حينما يبلغ الستين سنة يكون قد قضى تسع سنوات من عمره بالتمام والكمال أمام التلقزيون، والأكيد أنّ المدة أكثر بكثير حاليا لما حققته هذه الوسيلة العجيبة من غزو للبيوت واحتكار للوقت.. وأكثر في العالم الثالث التابع.. لندرك في النهاية خطورة الوضع، ونكتشف كم هو عميق نومنا وكم هي تافهة أحلامنا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات