قال الإمام الغزالي رحمه اللّه في البداية: [وتفكّر في قصر عُمْرك وإن عشت مثلاً مائة سنة بالإضافة إلى مقامك في الدّار الآخرة وهي أبد الآباد، وتأمّل أنّك كيف تتحمّل المشقّة والذلّ في طلب الدّنيا شهرًا أو سنة رجاء أن تَستريح بها عشرين سنة.فكيف لا تتحمّل ذلك أيّامًا قلائل رجاء الاستراحة أبد الآباد، ولا تطوِّل أملك فيثقل عليك عملك، وقَدِّر قرب الموت، وقُل في نفسِك أتحمَّل المشقّة اليوم فلعلّي أموت اللّيلة، وأصبر اللّيلة فلعلّي أموت غدًا، فإنّ الموت لا يهجم في وقت مخصوص وحال مخصوص وسن مخصوصة، ولا بدّ من هجومه، فالاستعداد له أولى من الاستعداد للدّنيا، وأنتَ تعلَم أنّك لا تبقى فيها إلاّ مدّة يسيرة، ولعلّه لم يبقى من أجلك إلاّ نفس واحدة أو يوم واحد، فكرّر هذا على قلبك كلّ يوم، وكلّف نفسك الصّبر على طاعة اللّه يومًا يومًا، فإنّك لو قدَّرت البقاء خمسين سنة وألزمتها الصّبر على طاعة اللّه تعالى نفرت واستعصت عليه، فإن فعلتَ ذلك فرحتَ عند الموت فرحًا لا آخر له، وإن سوَّفت وتساهلت جاءك الموت في وقت لا تحتسبه، وتحسَّرتَ تحسّرًا لا آخر له، وعند الصّباح يحمَد القوم السُّرَى، وعند الموت يأتيك الخبر اليقين، ولتَعلَمُنَّ نبأه بعد حين].الإمام عبد اللّه بن علوي الحدّاد الحسني
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات