يبدو أن مصير الأنظمة مابعد الكولونيالية شبيه بدورة حياة شجرة “المونج”، بحيث تسقط فاكهتها على الأرض وتتعفن لتنمو شجرة جديدة مكانها. وقياسا على ذلك فإن تفسخ واضمحلال هذه الأنظمة قدر محتوم يجعل من النداءات الموجهة للسلطة لإصلاح نفسها بنفسها أو المساهمة في الانتقال الديمقراطي ضربا من المستحيل. والتسليم بوجود خيِّرين في السلطة كما تعود سلال على التصريح به مرارا وتكرارا “نحن أصحاب خير”، ومحور خير يمكن التنسيق معه للقيام بإصلاحات: بهتان ومجرد سراب يتراءى من بعيد للظمآن في الصحراء. فمنطق الحكم التسلطي يحمل بداخله بذور فنائه. وهي النتيجة التي توصلت إليها قيادة جبهة القوى الاشتراكية بتوجيه عدة رسائل سياسية للسلطة لإيجاد مخرج للبلاد لاقتناعها بأن التغيير سيكون مع وليس ضد السلطة أو في غيابها. حاول الأفافاس جاهدا عدم الانخراط أو تأجيل الالتحاق بمبادرات يمكن نعتها بأنها مضادة للسلطة حفاظا على شعرة معاوية وكل فرص إيجاد مخرج سلمي للأزمة. لكن قصور النظر لدى الحكام وافتقادهم للنظرة الاستشرافية جعلهم يقدمون على اتباع سياسة الجزَرَة وحاولة شراء الذمم، من خلال مقترح انضمام جبهة القوى الاشتراكية لحكومة سلال والالتفاف على مطلب الإصلاح الجذري للنظام. لكن هذه الألاعيب لسلطة شبت على الريع وستشيب عليه، ساهمت في رص صفوف المعارضة بمختلف مشاربها، وموافقة جبهة القوى الاشتراكية على الالتحاق بمبادرة الانتقال الديمقراطي بعد انضمام أحزاب القطب الوطني مؤشر قوي لتغير مرتقب لموازين القوى، بعد اقتناع الجميع بأن الهياكل الحزبية تجاوزها الزمن، وأصبحت مفاهيم “القطب والتنسيقية” هي السائدة بعد أن كانت مبادرات المعارضة تعتمد فيما مضى على معادلات رقمية من قبيل 8+1 وما شابه.وبغض النظر عن النتائج التي ستفضي إليها هذه المبادرات السياسية، فهذا لن ينتقص من أهمية هذه الديناميكية الاجتماعية، بعد اقتناع المعارضة بقوتها والانعكاسات الإيجابية على الحركية السياسية في الجزائر وخلق بديل قوي[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات