هم ليسوا أطفالا عاديين، فقد نخر السرطان أجسادهم الهزيلة حارما إياهم من التمتع بطفولتهم.. ومع ذلك فقد منحهم الله قوة وصبرا أكبر من أجسامهم وإرادة ساعدتهم على تجاوز معاناتهم مع هذا المرض والتي ازدادت حدة مع فترة امتحانات شهادة التعليم المتوسط.كنا نود أن نلتقي بهم وهم مع أسرهم بمصلحة مكافحة سرطان الأطفال بمركز بيار وماري كوري بالعاصمة، لنقف على تحضيراتهم للحدث المقبلين عليه، وهم بالقسم الذي ألف تواجدهم بين جدرانه التي حملت رسوماتهم ومجسّمات لشخصيات الرسوم المتحركة المشهورة.كان المشهد مريعا، أطفال يبكون ويتوسلون آباءهم بعدم إدخالهم لقاعة العلاج الكيميائي. سألنا البروفيسور فتيحة ڤاشي رئيسة المصلحة عن الأطفال المتمدرسين الذين يستعدون لاجتياز امتحانات شهادة التعليم المتوسط، وقبلهم مترشحي شهادة البكالوريا فقالت “فضلنا أن نجنبهم مضاعفات العلاج الكيميائي الذي يخضعون له كل ثلاثة أسابيع، بتأخيره إلى ما بعد الامتحانات وذلك لتمكينهم من التحضير الجيد للامتحانات في أحسن الأحوال”.وأضافت قاشي أن مصلحتها تستقبل أكثر من 200 طفل مصاب بمختلف أنواع السرطان ،من بينهم 30 طفلا تقدموا هذه السنة لاجتياز امتحانات التعليم الابتدائي والمتوسط والبكالوريا.وعن التعامل مع هؤلاء، أضافت ڤاشي قائلة: إن غالبيتهم يخضع للعلاج الكيميائي، الذي يجبر الطفل على التواجد بمركز بيار وماري كوري كل ثلاثة أسابيع، حيث يمكث هؤلاء مدة تتراوح بين يوم وثلاثة أيام حسب حالة كل طفل، يتلقون خلالها علاجهم الكيميائي ويخضعون للرقابة الطبية، خاصة وأن آثار ذات العلاج ثقيلة جدا على أجسادهم الضعيفة، وبالتالي “قررت النزول عند رغبة أهاليهم بتأخير مواعيد علاجهم الكيميائي، خاصة وأن ذلك لا يؤثر على مسار العلاج باعتبار أنهم سيتلقّونه بعد أيام من انتهاء الامتحانات”. وأشارت المتحدثة إلى أنها اتصلت بالكثير منهم لتتمنى لهم حظا وفيرا في امتحاناتهم وتبليغهم قرار تأخير مواعيد علاجهم، وهو القرار الذي أفرح الصغار كثيرا وأولياء أمورهم، ومن بينهم أم طفلة اجتازت امتحان “السانكيام”، وفضلت أن تشكر الطاقم الطبي عبر رسالة أرسلتها بالفاكس. وقالت البروفيسور ڤاشي “رغم أنني متأكدة أنهم كانوا مستعدين لاجتياز امتحاناتهم تحت تأثير مضاعفات العلاج، كيف لا وقد شاهدتهم يحملون كراريسهم يراجعون الدروس حتى أثناء تلقيهم لعلاجهم”، تقول ڤاشي التي أثنت كثيرا على شجاعة هؤلاء الصغار، مؤكدة أنها فاقت بكثير شجاعة المرضى الراشدين.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات