38serv
هل ستدفع المشاورات حول تعديل الدستور وندوة الانتقال الديمقراطي إلى إعادة رسم الخريطة الحزبية والسياسية في البلاد من خلال إقامة فرز دقيق بين أحزاب الموالاة للسلطة وأحزاب المعارضة، بعدما ظل هذا الفرز غائبا طيلة سنوات من بداية التعددية، ما يعطي إمكانية للمعارضة لتلقي بثقلها في قرارات السلطة، ويفهم هذه الأخيرة بأنها مطالبة بالاستماع إلى غير المنتسبين إليها وعدم الانفراد بالحكم لوحدها؟مثلما غابت أحزاب المعارضة الفاعلة عن المشاورات حول تعديل الدستور التي بادرت بها رئاسة الجمهورية ودخلت أسبوعها الثاني، مثلما سيسجل غياب أحزاب الموالاة الفاعلة عن ندوة الانتقال الديمقراطي التي ستجري يوم 10 جوان الجاري بفندق مازفران، بعدما انحصر الحضور فيها على شخصيات وطنية معارضة للسلطة كرؤساء حكومات سابقين وأحزاب سياسية قررت خط المعارضة وطرح ”التغيير” كبديل لـ ”الاستمرارية”. لكن ما يلاحظ أنه مثلما نجحت السلطة في إقناع عدة أحزاب بالمشاركة في مشاوراتها بشأن تعديل الدستور، مثلما استطاعت تنسيقية الانتقال الديمقراطي الحصول على موافقة نفس الأحزاب بحضور ندوتها الوطنية، كما هو حال حزب الحرية والعدالة الذي التقى أويحيى، وأعلن في ذات الوقت مشاركته في ندوة الانتقال الديمقراطي التي وصفها بـ«فرصة للتغيير لا يجب أن تضيع”، ما يوحي بأن هناك منطقة حزبية وسطى لا تريد إغضاب السلطة ولا ترغب في إدارة ظهرها للمعارضة. ويكون هذا الوضع وراء موافقة قيادة الأفافاس على حضور ندوة الانتقال الديمقراطي، لكنها في المقابل لم تفصل لحد الآن في موقفها من المشاورات حول تعديل الدستور.وبإقناعها لقوى قطب التغيير التي تضم بن فليس بمعية 6 أحزاب وكسبها موافقة أقدم حزب معارض في الجزائر بالمشاركة في ندوة الانتقال الديمقراطي، تكون التنسيقية قد نجحت في إعادة رسم معالم الخريطة الحزبية للمرحلة المقبلة باتجاه ميلاد تكتل عريض للمعارضة، يلتقي في قواسم مشتركة بإمكانها أن تعيد ”التوازن” لموازين القوى بينها وبين السلطة، بعدما ظلت هذه الأخيرة تنفرد بكل القرارات والملفات الكبرى ولا تعير أدنى اهتمام لمطالب خصومها. وتكون هذه التطورات وراء مسارعة السلطة، في سياق طرحها لتعديل الدستور، إلى الحديث عن ”الدستور التوافقي”، وهو مصطلح كان غائبا في قاموس تعاملات السلطة مع غير المنتسبين إليها.ويبقى عقد ندوة الانتقال الديمقراطي وحجم المشاركين فيها من الأطياف السياسية والحزبية والاجتماعية، بمثابة رسالة إلى السلطة بأن المعارضة ”كبرت ونضجت”، وأضحى بإمكانها أن تجتمع وتلتقي وتتناقش مع بعضها البعض حول الحاضر والمستقبل، رغم الخلافات السياسية والإيديولوجية، وهو ما يفرض على السلطة التعامل معها كشركاء وكسلطات مضادة بحاجة إليها لتقويم منظومة الحكم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات