انتقد عبد القادر خليل كاتب الدولة السابق المكلف ببرنامج الإنعاش الاقتصادي الوضع الذي آل إليه قطاع الفلاحة في الجزائر، رغم الاستثمارات الباهظة التي برمجتها الدولة في هذا القطاع.جاء ذلك في محاضرة ألقاها بثانوية جمال الدين الأفغاني نظمتها جمعية قدامى تلاميذ هذه الثانوية بحضور وزير الداخلية السابق دحو ولد قابلية بصفته الرئيس الشرفي للجمعية، ومحمد العيشوبي الوزير والسفير السابق وعبد اللطيف بن أشنهو وزير المالية الأسبق.وقدم عبد القادر خليل تشخيصا حدد فيه واقع القطاع الفلاحي في الجزائر مقارنا إياه بما تشهده دول الجوار والدول العربية. وقال إن الفلاحة تعاني اختلالا واضحا سواء فيما تعلق بحساسية وهشاشة التوازن البيئي ومحدودية الأراضي الصالحة للزراعة والمسقية أو القابلة للسقي، مشيرا إلى أنه بينما تسعى عدة دول إلى شراء أراضٍ خارج بلدانها واستغلالها لضمان أمنها الغذائي، فإن الوضع في الجزائر يسير نحو تناقص العقار الفلاحي الذي لا يمثل سوى 0.24 هكتار لكل نسمة، بينما لا تزيد تغطية الحاجيات الوطنية من الإنتاج الفلاحي عن 30%.وفي مجال السقي، قال إن الجزائر لا توفر سوى 5 آلاف متر مكعب من المياه لكل هكتار سنويا لتحتل بذلك المرتبة الأخيرة عربيا. وتساءل المحاضر حول مدى نجاعة الاستثمارات المالية المخصصة للتنمية الفلاحية التي تجاوزت، كما قال، خلال السنوات العشر الماضية ألف مليار دينار دون أن تعالج مشكلة التبعية الغذائية للخارج. وأرجع ذلك إلى غياب رؤية واضحة لكيفية تنمية وتطوير الفلاحة الجزائرية رغم الموارد التي تتوفر عليها البلاد. معددا في هذا الشأن بعض عوامل الضعف المزمن، ومنها محدودية المستوى التعليمي للمستثمرين الفلاحيين وشيخوخة نسبة كبيرة منهم، ونفور فئة الشباب عن خدمة الأرض، وافتقار القطاع الفلاحي إلى آليات تعاون فلاحي على أساس أهداف دقيقة محددة سلفا.وافتتح هذا اللقاء الفكري دحو ولد قابلية وزير الداخلية السابق بصفته الرئيس الشرفي لجمعية ”عليم” للتلاميذ القدامى لثانوية جمال الدين، بكلمة استعرض من خلالها مساهمة ثانويتي معسكر في عهد الاستعمار في تكوين وتخريج نخبة من الإطارات في مختلف العلوم والتخصصات، كان لهم الفضل في تسيير قطاعات أساسية للدولة الجزائرية الفتية بعد الاستقلال.المحاضرة حظيت بمناقشة وتعقيبات كانت هي الأخرى بمثابة مداخلات أثرت الموضوع وتطرقت إلى محاور أخرى أبرزها تعقيب البروفيسور عبد اللطيف بن أشنهو وزير الاقتصاد السابق الذي وضع الحضور في صورة عدة متناقضات يعاني منها النظام الاقتصادي بسبب غياب الحوار، ملاحظا في هذا الشأن أن العجز الغذائي يمكن سده بالاستيراد لكن العجز في الحوار لا يمكن معالجته. ودعا إلى التساؤل حول العوامل التي أوصلتنا إلى هذا الوضع. مجيبا في نفس الوقت بأن الفكر السياسي الجزائري تجاه الفلاحة يتناقض مع ثورة التحرير التي أشركت الفلاحين في خوض غمار حرب التحرير، غير أنها لم تول أهمية للفلاحة ولعالم الريف وقدمت عليه الخدمات العمومية وقطاع الطاقة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات