أيهما أسبق الحزب الفلسفي أم السياسي؟

+ -

ساحة الباستيل أو الباستي في باريس، ارتبط اسمها بالثورة الفرنسية، وباتت رمزا للجمهورية، ولكل أشكال النضال والاحتجاج، يتوجه نحوها الفرنسيون بنقاباتهم المهنية واتحادات عمالهم وأحزابهم السياسية للتجمع فيها، كلما اتخذوا موقفا من سياسة الاليزيه أو الكوندورسيه، ليعلنوا عبرها عن معارضتهم لما يمكن أن يكون قد صدر من قرارات ليسوا راضين عنها، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل عن رمزية الباستيل وتاريخها وكيف أصبحت فضاء رمزيا للاحتجاج والتعبير عن المطالب. من الباستيل إذن إلى تاريخ الباستيل، وخلفيتها المعرفية، فالباستيل لم تكن تزيد عن مساحة تضم سجن الباستيل والحصن الذي يعود تاريخه إلى العصور الوسطى، فما الذي حول تلك الرمزية من ظلامية القرون الوسطى إلى أنوار الحضارة والارتقاء والازدهار؟ 

  إنها الثورة المعرفية التي سبقت الثورة السياسية ونظرت لها، حيث ما كان يجري في ساحة الباستيل لم يكن إلا نتاجا لتلك الإرهاصات التي كانت تعتصر عقول أعضاء الحزب الفلسفي في الغرب، إنها القطيعة التي أحدثها فلاسفة التنوير مع النظام المعرفي الأرسطو طاليسي المدرسي، لقد ارتبطت رمزية الباستيل بمقولات فولتير، الذي عاش إرهاصاتها، حيث كان معتقلا في سجنها وفيه ألّف الملحمة وتراجيديا أوديب وكذا عبقريات روسو وديدرو ومونتيسكيو، ولقد كانت رسائل فولتير التاريخية تمهّد لثورة 1789 عندما كان يكتب عام 1760 لصديقه هلفيتيوس مبتهجا ”إن هذا العقل الذي طالما اضطهد يكسب كل يوم موقعا, سنأخذ شيئا فشيئا حريتنا النبيلة في التفكير، إن الشباب يتكون” ليصدر روسو عام 1761 هيليويوس الجديدة وفي عام 1762 ”العقد الاجتماعي” و«إميل” في 1764 ”رسائل مكتوبة من الجبل” ووقتها يردد كانط  ”ارفعوا الوصاية عن العقل، ذلك هو التنوير”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: