تأمّــــــــــلات في ســـــــورة الجــــــــــــــــن

+ -

 يقول الأستاذ راتب النابلسي إنّ هذه السّورة تتحدّث عن نوعٍ من مخلوقات اللّه عزّ وجلّ وهم الجنّ. وقد تطرّف بعض النّاس في اعتقادهم بالجنّ: هناك من النّاس من تطرّف فنسب للجنّ كلّ الخوارق والعلوم والأفعال، كما نسبوا إليهم كلّ نفعٍ وضرٍّ، بل إنّهم قد وصلوا إلى أبعد من ذلك حينما زعموا في عهد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّ الجنّ هي الّتي علّمت النّبيّ علّيه الصّلاة والسّلام. وتطرَّف أناسٌ آخرون فأنكروا وجود الجنّ، مع أنّ الحقيقة تقول: إنّ عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.أين الحقيقة؟ إنّ الحقيقة إنّما تكون من عند اللّه عزّ وجلّ عن طريق الوحي، لذلك كان أولُّ ردٍ على الّذين زعموا أنّ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام تلقّى علّمه من الجنّ الّذين عاصروا النّبيّ هو أنَّ الجن قد استمعوا إلى القرآن، بينما كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يتلوه والنبي لا علم له بذلك، فلولا أنّ اللّه أخبره وأمره أن يخبر النّاس أنّ الجنّ استمعت إليه لمّا علم ذلك.أيّها الإخوة.. لا أريد في هذه العُجالة أن أبدأ بشرح الآيات بل أريد أن أضع بعض الحقائق عن الجنّ كما هي مستنبطة من الوحي السّماوي.. قال اللّه جلّ جلاله: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ}. الأحزاب: آية 72.معنى هذه الآية أنّ الإنسان مخلوقٌ مكرَّم قَبِل حمل الأمانة، في حين أشفقت السّماوات والأرض من حملها، وقد كان من أبرز المخلوقات الّذين أشفقوا من حمل الأمانة الملائكة؛ فقد ملّكوا أنفسهم للّه عزّ وجلّ وآثروا الإقبال عليه من دون مخاطرة التكليف والاختيار، فكانوا في بحر الأمان، وهم كائناتٌ تسبِّح اللّه عزَّ وجلّ وتمجّده وتأتمر بأمره: {لَا يَعْصُونَ اللّه مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} التّحريم. بينما آثر صنف الحيوان النّجاة من مخاطرة التّكليف، كما أنّه آثر الشّهوة؛ فهو يستمد سعادته من الشّهوات الّتي أودعها اللّه فيه دون أن يكون مسؤولاً.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات