في الوقت الذي تطالب السلطة الجزائرية شعبها بالتقشف، لمواجهة آثار الأزمة الاقتصادية جراء انخفاض مداخيل مصدر رزقه الوحيد “البترول”، متناسية بأنها هي المسؤولة على بقائه مصدرا وحيدا لقوت الجزائريين، بسبب فشلها في وضع رؤية اقتصادية ناجعة منذ الاستقلال إلى يوم الناس هذا، تمكنها من تحويل عائدات النفط الطائلة إلى مشاريع اقتصادية متنوعة، حتى لا يبقى رغيف الجزائريين رهينة لصعود ونزول سعر النفط، الذي هو الآخر ليست السلطة من بيدها تحديده، بل يخضع لرغبات القوى العظمى.بالمقابل قامت السلطة الجزائرية برفع رواتب أجانب “تيڤنتورين” الشهرية من”120 إلى 350 مليون سنتيم” ما يعادلها بالدولار “15 ألف إلى 44 ألف دولار شهريا”، تتحمل سوناطراك ضريبة عودة العمال الأجانب لكل من الشركتين الأجنبيتين “بريتيش بيتروليوم” البريطانية و«ستاتويل” النرويجية لموقع تيڤنتورين لأكثر من 50 بالمائة من الزيادات التي استفاد منها العمال الأجانب العائدون للموقع بعد ارتفاع معدل منحة المخاطرة للعمل في الجزائر، جراء الاعتداء الإرهابي الدولي على الموقع. وحسب مصادر “سوناطراك” نقلتها “الخبر”، قامت سوناطراك بالتخلي عن خدمات الكثير من إطاراتها بموقع تيڤنتورين ممن كانوا شهود عيان على الاعتداء المسلح على الموقع، حتى تتمكن من توفير الموارد المالية لدفعها كزيادات لرواتب أجانب تيڤنتورين، وكانت الشركات الأجنبية بعودتها فرضت شروطا تعاقدية جديدة، إلى جانب تكثيف التعزيزات الأمنية بالموقع.دأب المحققون في تحقيقاتهم في كل الجرائم للوصول إلى مرتكب الجريمة، العمل وفق القاعدة التي مفادها “من المستفيد من الجريمة” إلا في جرائم الإرهاب فإنهم يغضّون الطرف عنها، بالرغم من أن هذه القاعدة لو طبقت على جرائم الإرهاب لسهل معرفة من الذي وراءها، التي بدأ مسلسل ارتكابها بحادثة “البرجين” بأمريكا سنة 2001، مرورا بحادثة “تيقنتورين” بالجزائر سنة 2013، وصولا إلى حادثة “شارلي إيبدو” بباريس مؤخرا. كلنا يتذكر تصريحات القادة الأمريكيين، مباشرة بعد حادثة “البرجين” في 11/09/2001، عندما أبدوا عزمهم القضاء على ظاهرة الإرهاب خلال سنة، بعدما تعرفوا على مرتكبيها (تنظيم “القاعدة”) ومكان تواجدها (طورا بورا بأفغانستان)، وشكلوا تحالفا عسكريا دوليا لاقتلاعها من جذورها، لتخليص العالم من شرورها، وتنفس العالم الصعداء عندما صرح الرئيس الأمريكي آنذاك (جورج دبليو بوش الابن)، بأن اللّه قد اختاره لأداء هذه المهمة. وما هي النتيجة اليوم بعد انقضاء 14 سنة، عن تلك الوعود والمقاربات والمخططات الأمنية والعسكرية التي وضعها الخبراء الإستراتيجيين والأمنيين والعسكريين لأكبر دول العالم، لتخليص العالم من ظاهرة الإرهاب، بقيادة من قال بأن “اللّه قد اختره للقيام بهذه المهمة” رئيس أكبر دولة في العالم؟ لقد وقع عكس ما وعد به كبار العالم بقيادة أمريكا، حيث ازدادت ظاهرة الإرهاب توسعا وانتشارا في العالم إذا ما قارنها بما كانت عليه سنة 2001، التي كانت محصورة في “تورابورا”، فإن دل هذا على شيء فإنه يدل على فشل المقاربات والمخططات الأمنية والعسكرية التي وضعت من أجل القضاء على الظاهرة وتخليص العالم من شرورها.لقد أصبح الإرهاب مصطلحا فضفاضا، يتم استخدامه لحاجة في نفس قادة العالم الكبار، فهو تارة يكون مطية لهم لاحتلال دولا في العالم الضعيف الذي يزخر بالثروات، حماية لمصالحها وأمنها القومي على حساب مصالح وأمن شعوب الدول النامية، مثل ما تفعله أمريكا في أفغانستان والعراق وسوريا، وما تقوم به فرنسا في إفريقيا بطريقة مباشرة وفي دول المغرب العربي بطرق غير مباشرة. كما أضحت ظاهرة الإرهاب وسيلة للانقلاب والإطاحة بالأنظمة الشرعية، التي جاءت بإرادة الشعوب عبر انتخابات شفافة ونزيهة كما هو جاري في مصر، وهو ذريعة في يد الكيان الصهيوني الاستيطاني الإرهابي للدفاع عن أمنه، بقتل الفلسطينيين ملاك الأرض الأصليين وطردهم من أرضهم ومساكنهم تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي ومؤسساته الموقرة! ويستخدمه الطاغية المجرم بشار الأسد لإبادة شعبه وقتله بكل وسائل القتل بما فيها التجويع، لترضى عنه أمريكا والغرب وإسرائيل وتبقيه في سدة الحكم لأنه يحميهم من الإرهاب، وترفعه الأنظمة الاستبدادية كفزاعة في وجه شعوبها لتخويفها من مغبة مجرد التفكير في التغيير، لأنه سيكون سببا في عدم الاستقرار والدخول في الفوضى كما هو جاري في ليبيا وسوريا ومصر، وهو ما يجعل الأوطان عرضة للتدخل الأجنبي، فما على الشعوب إلا الرضا بالاستبداد والاستعباد والقبول بالمفسدة والنزول على رأيهم، فهم من يضمنون لكم الأمن والأمان والاستقرار ووحدة الأوطان.وها هي أحداث “شارلي إيبدو” التي صوّرها الغرب على أنها استهدفت حرية التعبير، التي تسخر وتتهكم على المقدسات الإسلامية وتصوّر الرسول صلى اللّه عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين الذي جاء برسالته ليخرج من أراد من العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام وسماحته، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، كـ«زعيم الإرهابيين” ورسالة الإسلام التي جاء بها تحمل في تعاليمها وأحكامها وتشريعاتها مبادئ الإرهاب، وتصريحات عبد الفتح السيسي وإعلانه الحرب على المقدسات الإسلامية، التي سبقت بأيام حادثة “شارلي إيبدو” تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن أكذوبة الإرهاب ما هي إلا ذريعة لمحاربة الإسلام[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات