يعتقد الضابط السامي السابق في جهاز المخابرات الجزائرية، محمد خلفاوي، أن الإمكانيات العسكرية التي سخرتها الجزائر على الحدود مع ليبيا غير كافية، معتبرا أن خطر تسلل مجموعات مسلحة من ليبيا أو من مالي، إلى التراب الجزائري يبقى قائما، ويؤكد خلفاوي الذي اشتغل على الملفات الأمنية على الحدود الجنوبية للجزائر، أن قرار غلق الحدود مع ليبيا كان ضروريا لكنه ليس كل الحل، مشددا على ضرورة تنمية مناطق الجنوب للتقليل من مخاطر التهديدات الإرهابية، كما دعا المجموعة الدولية إلى الوفاء بوعدها بتنمية منطقة شمال مالي بعد عملية ”سرفال” الفرنسية.تم الاتفاق في المركز الإفريقي لمكافحة الإرهاب، الاثنين الماضي، بين الجزائر والدول المشاركة في الاجتماع على تعزيز التعاون فيما يسمى لجنة التنسيق والاتصال، هل يمكن في نظركم أن تكون للتعاون الأمني في دول الساحل نتائج إيجابية، بعد تعذر المبادرات السابقة في إطار دول الميدان؟ إن الضرر الذي نتج عن مختلف الآفات التي تعيشها بلدان الجوار وصل إلى حد أصبح يهدد أمنها القومي. أما الاتفاق الذي تتكلمون عنه ما هو إلا برتوكول مبدئي، فالوضع الهش لدول الساحل يؤثر سلبا على مصداقية هذا الاتفاق، إن تجسيد وتفعيل هذا الاتفاق يبقى رهن تطبيق مخطط تنموي مقنع كما وعدت به بعض الأطراف بعد عملية ”سرفال”.سبق وأن تبنت دول الميدان في الساحل حلولا عسكرية لملاحقة الإرهابيين، هل هذا يكفي؟ أعتقد أنه لا يكفي التركيز على الحلول العسكرية، بالنظر إلى تاريخ المنطقة والإطار العام الذي تمرد فيه توارڤ مالي أولا وبعدهم النيجر، بالإضافة إلى عجز باماكو عن التحكم في سكان الشمال والاستجابة لانشغالاتهم، علاوة على حماية عسكريين من العقاب، بعد ثبوت الانتهاكات التي ارتكبوها وأقرتها منظمة العفو الدولية. ما يحدث في شمال مالي وعلى الحدود يتطلب اهتماما خاصا وإرادة سياسية لإيجاد حل ملائم، في إطار منظم ينسجم مع الخصوصية الجيوسياسية للمنطقة، ولا ينبغي الاتجاه عكس عجلة التاريخ، وبالنسبة للجزائر، بات من الضروري أن تعيد النظر في سياستها تجاه سكان الجنوب، وبالأخص وضع المجموعة الدولية أمام مسؤولياتها، بتذكيرها بالوعود التي قطعتها من أجل تنمية مناطق الجنوب، في دول الساحل التي تعاني من نفس الإشكاليات مع بعضها البعض.وهل تتوقعون أن يتم الإفراج عن الدبلوماسيين الجزائريين المختطفين في مالي منذ 2012، بعد التدخل الفرنسي لتحرير منطقة الشمال؟ إن عملية الاختطاف أداة لدى الجماعات الإرهابية يمكنها من الابتزاز والضغط على الحكومات من أجل الوصول إلى رغبتها، وبالتالي الإفراج عن الرهائن لا يكون واردا إلا إذا لبيت مطالبها أو وضعت هذه الجماعات المجرمة في حالة تجبرها على التفاوض.تم الاتفاق بين الجزائر وليبيا في مرات عدة على التعاون الأمني، لكن الخطر مازال قائما بل زادت حدته؟لا بديل عن التعاون الأمني بين الجزائر وليبيا، والجزائر ومالي، لكن أعتقد أن الوضع المتدهور في هذين البلدين يجعل من مساعي التعاون الأمني غير واقعية نوعا ما، وإن كان بالإمكان معالجة بعض المشاكل مع بعض الفاعلين والجهات النشطة على الحدود، وأؤكد أن آثار الوضع الأمني في ليبيا على الجزائر ستكون وخيمة، وأينما كان هناك وضع أمني متدهور فإن الحدود تعرف أزمة بالتأكيد، كما أن محاولات تسلل عناصر مسلحة سواء من ليبيا أو من مالي، سوف لن تتوقف، كما أن التدابير الأمنية المتخذة لا تكفي لحل المشكلة حتى وإن كانت الدولة تحوز على إمكانات عسكرية لا بأس بها.وكيف تقيمون انعكاسات تدهور الأوضاع على الحدود بالنسبة للجزائر؟أول انعكاس يتعلق بأزمة نزوح السكان نحو الحدود.. هناك عواقب سلبية تنتج عن ذلك، حيث أن الدولة ستجد نفسها مضطرة لتنظيم ومساعدة النازحين، وأيضا هناك مخاطر تسلل مسلحين ضمن النازحين، وهذا يجب منعه، بالإضافة إلى مراقبة المتدخلين في عمليات النزوح وعلى رأسهم المنظمات غير الحكومية، وفعلا هناك مخاطر ومخاوف من تنقل الأسلحة أو قيام مجموعات مسلحة بعمليات عسكرية الغرض منها توسيع دائرة الصراع في المنطقة، وهذا يخدم الحركات الجهادية التي تحاول القيام بعمليات في الجزائر من خلال، أيضا، استغلال هشاشة الجبهة الداخلية لا سيما بعد إقرار الولاية الرابعة للرئيس.هل تتوقعون أن يكون هناك تدخل خارجي في ليبيا أو في مالي لفرض الأمن بعد خروج الأمور الأمنية عن السيطرة في ليبيا؟ تطور الوضع في ليبيا أدى إلى ظهور ثلاثة لاعبين مهمين: السلطة القائمة والإسلاميون وجيش الجنرال حفتر، أعتقد أنه حاليا، أي تدخل مباشر سيؤدي إلى تفاقم الأزمة أكثر، ولذلك فإن الوضعية الحالية تتطلب فتح نقاش صريح بين هؤلاء الفاعلين الثلاثة، لكنه وفي حالة تم عزل الإسلاميين يمكن أن يكون هناك تدخل أو دعم لصالح طرف من الطرفين الآخرين، غير أن الجهود التي تقوم بها الدول المجاورة من خلال الاجتماعات المنعقدة هنا وهناك، يمكن أن تكون بادرة أمل لتسوية النزاعات بين الفصائل المتقاتلة، قصد وضع السلاح وتحقيق المصالحة من خلال البحث عن حل توافقي.تم إفشال عمليات تسلل مجموعات مسلحة من ليبيا بتمنراست، هل تتوقعون عمليات تسلل أخرى موازاة مع تدهور الوضع الأمني بهذا البلد؟مساعي تكرار مثل هذه المحاولات بالطبع لن تتوقف، من قبل مجموعات مسلحة، وما سخر لمنع تسلل هذه المجموعات وما اتخذ من إجراءات حيال ذلك يبقى غير كاف، مهما حازت الدولة من إمكانيات عسكرية، ثم إن الحل الأمني وحده لا ينفع، الأمر أصبح يتطلب مراجعة وضع السكان في الجنوب، حيث صار الأمر بمثابة تحد للسلطات الجزائرية. وحسب رأيي، فإن ليبيا بلد شقيق وجب علينا تعزيز المساعي الإيجابية لحلحلة النزاعات ليس في ليبيا فقط وإنما في كل دول المنطقة، وإذا ما أدارت ليبيا ظهرها تجاهنا فلأن الجزائر اتبعت خيارا، كما يعتقده الليبيون، داعما للدكتاتور امعمر القذافي ضد الثورة الشعبية، لكن الرجال يختفون والأمم تبقى تعيش. وزارة الخارجية تقول إن الجزائر ليست على اتصال مع الجنرال الليبي حفتر، ما رأيكم وهل هذا الجنرال يستطيع أن يتمم مهمته في السيطرة على ليبيا أمنيا وهل يشكل خطرا على الجزائر، خاصة عبر الحدود ؟ أعتقد أن الجزائر كأي دولة أخرى مجاورة لا يمكنها البقاء مكتوفة الأيدي، طالما أن أمنها القومي في خطر، والجنرال حفتر لا أعتقد أنه سيذهب أبعد من محاولة المناورة، لتحقيق أهداف معينة، ولا أعتقد أنه يشكل خطرا على الجزائر، لأنه لا يحاول أن يلحق الضرر بها، وإن كان يمكن أن يكون حاملا لرسالة معينة، لكن نظرا للوضع المتردي على الحدود، على الجزائر أن تضعه بالحسبان.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات