+ -

يبدو أن الوضع في ليبيا خرج عن سيطرة الأطراف المتنازعة، ما هي قراءتكم للأحداث؟ القراءة الوحيدة لكل من يعيش في ليبيا ويتابع أخبارها تشير إلى أننا أمام حالة انقسام رهيب لم تشهده البلاد من قبل، حتى على مستوى الشعب هناك من ينظر لعملية “كرامة ليبيا” على أنها المنقذ الوحيد من حالة الانفلات العام، وعلى النقيض تجد من ينظر لها على أنها رغبة فئة عسكرية للعودة إلى الحكم بقوة السلاح، وهو ما ترجمته المظاهرات الشعبية التي خرجت وإن كان أغلبها تحت الطلب وكانت بعيدة عن العفوية، لكن الوضع العام يوحي بإمكانية انقسام البلاد، قد يبدو هذا الوصف مبالغا فيه، لكن التجاذبات السياسية والعسكرية والجو العام يوحي بقطيعة بين أبناء الشعب الواحد لم نعرفها من قبل، وهي تنذر بالخوف.وماذا عن أحلام الثورة والسعي لبناء مؤسسات الدولة والحديث عن الشرعية المستمدة من الشعب؟هنا الإشكال: عن أي شرعية نتحدث، شرعية ثورة 17 فبراير؟ الكل شارك فيها ومن حق الجميع التشدق بهذه الشرعية، أم نتحدث عن شرعية المؤتمر العام الذي لم يعد يمثل غير الفئة التي تتمسك به، الكل يؤكد أنه صاحب الشرعية المستمدة من الشعب، لهذا السبب أصبحنا اليوم ببرلمان منقسم وحكومتين وجيشين، الغائب الأكبر في كل هذا هو التوافق الوطني، ومن المؤسف القول إنه بعد 3 سنوات من إسقاط النظام القديم لم نتمكن كشعب ليبي على التوافق على نقطة واحدة، لأن كل طرف يرفض تقديم تنازلات، لقد وصلنا إلى مرحلة كسر العظام، أعتقد أن نهايته ستكون إما بغلبة طرف على الآخر أو انقسام البلاد.ألا تخشون من نشوب حرب أهلية بين الطرفين، خاصة أن كل طرف يملك ولاءات عسكرية من قبل الجماعات المسلحة؟ هذا ما أقصده، الانقسام نتيجة حتمية للحرب الأهلية، في الماضي كنا نسمع أن الدول الكبرى لن تسمح بتغيير الخريطة الدولية، ما يحدث في أوكرانيا يؤكد أن العالم دخل مرحلة جديدة، والعواصم الغربية لا تأبه إلا بمن يحفظ مصالحها.وما هي احتمالات تفادي هذه السيناريوهات الكارثية على ليبيا؟ شخصيا لا أرى غير اقتناع المؤتمر الوطني العام وقياداته من التيار الإسلامي المتمسكين بشرعية حكومة معيتيق بالتخلي عن هذا المطلب، لأن المنطق يقول إن الانتخابات مقررة في النصف الثاني من الشهر الحالي، وعليه فمن العبث تغيير حكومة من أجل مهام لفترة أقل من شهر، الأصح السماح لحكومة عبد الله الثني المؤقتة مواصلة عملها في تسيير الأعمال إلى حين الانتخابات، على أمل أن تكون هذه الانتخابات الأرضية التي ينطلق منها الليبيون لبناء توافق لإنهاء الأزمة السياسية والأمنية.وهل تعتقدون أن طرفي النزاع يوافقون على هذا الطرح؟ الليبيون في غالبيتهم يأملون في أن يكون هناك اتفاق من نوع ما ليقلل الأضرار، لأن التحدي الأكبر ليس في تسمية فلان أو علان رئيسا للحكومة، الإشكال من يستلم الميزانية العامة للدولة ومن يمثل الدولة الليبية في الصفقات، هنا يمكن للعواصم الغربية أن تتدخل بشكل ما حفاظا على مصالحها لترجيح الكفة لأحد طرفي النزاع، لذلك أعتقد شخصيا أنه لا بد من توافق مهما كانت الاختلافات، لأن ليبيا ليست في جزيرة لوحدها، وهناك مصالح للدول ستعمل في مرحلة ما على الدفاع عنها، ما أقصد قوله أن التيار الإسلامي ممثلا في إخوان ليبيا مطالب بإعادة التفكير في خياره، إما تقديم تنازلات آنية والحفاظ على وجودهم السياسي أو المراهنة على القوة العسكرية والمخاطرة بمستقبل البلاد.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: