قدّم المدير العام للأمن الوطني، عبد الغني هامل، اعتذارا رسميا، على لسان مدير أمن ولاية الجزائر، المراقب نور الدين براشدي، للمحامين الجزائريين عن حادثة اعتداء شرطي على محام بمجلس قضاء العاصمة، الخميس الماضي. وتعهّد من جهته، النائب العام بلقاسم زغماتي، بضمان عدم تكرار حادثة تُهان فيها هيئة الدفاع. وجاء هذا التحرّك السريع لاحتواء “تصادم” كان وشيكا بين جهاز الأمن ومنظمات المحامين.لم يُقنع قرار تبنته منظمة محامي العاصمة بتعليق مقاطعة العمل القضائي ليوم واحد، وتحويله إلى وقفة احتجاجية رمزية، نظمت أمس أمام مدخل مجلس قضاء العاصمة، أغلبية المحامين بالجزائر العاصمة، وردوا على القرار بـ”مقاطعة” الوقفة، التي كيّفوها بأنّها غير كافية تُجاه “الانحراف الخطير وغير المسبوق”، المُمارس من طرف شرطي عند اعتدائه على محام بمجلس قضاء العاصمة، ولم يتعد عدد المحامين المشاركين في الوقفة الاحتجاجية الـ100.وقال محامون لـ”الخبر”، تحفظوا عن ذكر أسمائهم، إن “القرار بتحويل غضب المحامين جراء الاعتداء على زميل لهم، من يوم لمقاطعة العمل القضائي، إلى وقفة احتجاجية رمزية (استمرت 10 دقائق)، أمر غير مقبول، لأنّ مجلس المحامين اجتمع في البداية وخرج بمحضر رسمي يعلن فيه المقاطعة، وانقلبت في ساعة متأخرة من ليلة أول أمس، فيما سُمي باجتماع طارئ، إلى وقفة رمزية، دون محضر رسمي، والسؤال المطروح لماذا؟”.وبرّر نقيب محامي العاصمة، عبد المجيد سليني، تغيير “المقاطعة” بـ”وقفة احتجاجية”، قائلا: “لم يكن ممكنا ومن باب الاحترام، الاستمرار في خيار المقاطعة، بعد تلقينا اعتذارا رسميا من المديرية العامة للأمن الوطني، وتضمن اعترافا صريحا بخطأ عون الشرطة وضابط الشرطة”. وأبرز سليني: “والتزم المسؤول الأمني باتخاذ التدابير الكفيلة والقانونية لمعاقبة مرتكبي (يقصد أعوان الشرطة) مثل هذه الانزلاقات، وأعطى لنا ضمانات بعدم تكرارها”.وحرص سليني على عدم فقدان ما تبقى من المحامين الذي حضروا الوقفة، وخاطب مشاعرهم بقوله: “ما تعرض له الزميل المحامي يعتبر تجاوزا وانزلاقا لم يحدث في تاريخ دور العدالة، ولا نقبل أن يُهان أيّ محام ولو عمّر نشاطه يوما واحدا، فكرامة المحامين لا تنازل عنها”. وفي ندوة صحفية مقتضبة، أعقبت اجتماعا جمع عبد المجيد سليني برئيس مجلس قضاء الجزائر والنائب العام، قال نقيب محامي العاصمة: “إن النائب العام تعهّد بضمان عدم وقوع أي تصرفات أو تجاوزات تضايق المحامين أو تقلل من شأنهم وأداء مهامهم”.وأوضح سليني في تصريح لـ”الخبر”، أن “الخلاف طويّ بشكل نهائي بين منظمة المحامين وجهاز الأمن الوطني، علما أنّنا طلبنا بصفة رسمية من رئيس أمن ولاية الجزائر بعدم معاقبة الشرطي، وإنّما الاكتفاء بتحويله إلى جهة أخرى”، مضيفا: “وسيبقى اجتماع المجلس مفتوحا لمتابعة تطوّرات القضية، وسيعقد مجلس المنظمة في الساعات المقبلة، لتداول استجابة المديرية العامة للأمن الوطني”.في المقابل، علّق المحامي والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي لـ”الخبر”، على حادثة الاعتداء بأنّها “أمر مؤسف وخطير عندما يقوم رجل الضبطية القضائية بالاعتداء على محام داخل قصر العدالة وقاعة الجلسات”. وأفاد بوشاشي: “هذا النوع من التصرفات العنيفة يجب أن ندينها ليس فقط كحامين وإنّما كمواطنين، لأنّها تحدث أكثر مع هؤلاء ولا يجدون من يدافع عنهم، وتبقى هذه السلوكات العنيفة دائما دون ردع، وإن كان هذا السلوك حدث داخل قصر العدالة، فأتساءل ماذا يحدث في مراكز الشرطة للمواطنين؟”.وتساءل المتحدث: “هذا النوع من التصرفات العنيفة، هل هي أعمال فردية لضابط شرطة، أم غض الطرف من قبل المؤسسة الأمنية على هذا النوع من السلوكات العنيفة؟ فلو هناك تعليمات أو إجراءات ردع لما وقع عنف، والنتيجة أن هذا الأسلوب يُعطي انطباعا أن جهاز الأمن لا يوفر الإحساس بالأمان للمواطنين، وإنّما يخدم النظام السياسي أكثر”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات