+ -

 كرة القدم في الجزائر ليست رياضة بل صارت متنفسا للسلطة تمارس بها هوايتها القديمة، وهي استغلال الكرة المستديرة لأغراض سياسية تماما مثلما حدث في انتخابات أفريل الماضي، عندما صاح سي سلال بأعلى صوته أن فضل المشاركة في المونديال للمرة الثانية على التوالي يرجع إلى حكمة “فخامة الرئيس”.لا أحد ينكر هذا الكلام.. لأننا، نحن الجزائريون، نموت على “البالون” ونبكي على الألوان الوطنية عندما تكون متقمصة من طرف اللاعبين. لكن ما لا يجب أن يقال إن الرياضة مثلها مثل السياسة، مسموح بها لما تكون في مصلحة السلطة ومنبوذة بل و«محڤورة” لما تكون دون ذلك.في الدول التي تحترم نفسها، كرة القدم ليست وسيلة للإلهاء وتغييب لعقول المولعين بها، بل وسيلة للترويح عن النفس وأكثرية من يقصد ملاعب الكرة من المواطنين العقلاء، الذين لا يخشون اصطحاب أبنائهم وأقاربهم من كبار السن ومن الجنسين، بلا ريبة أو قلق.إن مشاهدة الراية الوطنية ترفرف في محفل عالمي كالمونديال، مدعاة للفخر والاعتزاز، ويزداد كلما كانت المشاركة تتم بأقدام محلية بدرجة أكبر لا بغالبية “مستوردة” دون أن نشكك في مكانة الوطن في قلوبهم.إن من ينظر إلى مصير العشرات من اللاعبين بعد انتهاء المشوار الرياضي القصير، عشر سنوات على الأكثر، يكتشف أن الأضواء والتهييج الإعلامي المسلط عليهم لا يعدو إلا أن يكون ومضة كتلك التي تصدر عن عدسة المصورين. فمنهم من تحول من حارس للمرمى أو مدافع شرس فوق المستطيل الأخضر، إلى حارس ليلي “باركينغ”، ومن اللاعبين من قضى نحبه وهو يصارع المرض دون التفاتة ممن يستأثرون بشرف تحقيق الإنجازات من المسؤولين.إن الرياضة وسيلة لتهذيب المجتمع، وصناعة تتطلب التنظيم الجيد والنظرة البعيدة، ولا إلى الرعاع الذين يزرعون الرعب في الشوارع قبل وأثناء وبعد المباريات، بداعي “خلي الشبان يفرحوا”. إن المونديال البرازيلي مناسبة لصناع القرار الرياضي لاستدراك ما فات، فمداعبة كرة القدم لا تتطلب نقل التكنولوجيا أو بناء ملاعب على منوال “ماراكانا”، بقدر ما تتطلب بعد نظر ووعي بتأثير هذه اللعبة على عقول ووجدان الجماهير عندنا. نقول هذا الكلام، لأن بوادر احتكار الكبار والأغنياء للمونديال بدأت تتراءى، بداية من احتكار الصورة، من طرف قلة من التلفزيونات وبائعي حقوق بث المباريات. وإن افتك “الأفناك” تأشيرة البرازيل، ونال التلفزيون حقوق بث بعض من المباريات، بفضل توظيف سياسي بذلته الحكومة بعد وساطة لدى المالك الحصري للحقوق، فإنه حري بنا كدولة تضخ سنويا مبالغ طائلة على الرياضة، إيلاء الاهتمام بالمستقبل من خلال رعاية المشاتل الرياضية في المدارس والأكاديميات بمنأى عن مخرجات المراكز الأجنبية، وإلا فإنه سيأتي يوم نضطر لتجنيس الأجانب من أجل ملء الفراغ.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات