تقاطعت تقارير استخباراتية وأخرى صادرة عن هيئات متخصصة حول مسألة جوهرية تتعلق بعدم تحقيق الأهداف التي كانت تقف وراء الحملة العسكرية الفرنسية المسماة “سيرفال” في مالي، في تحجيم قوة وتأثير الجماعات الجهادية أو ما أضحى يصطلح عليه بالتنظيمات المتطرفة المسلحة، حيث استوعبت هذه الجماعات أولى الضربات لتعيد تنظيم نفسها وفقا لهيكلة جديدة وإعادة الانتشار بناء على طرق حرب العصابات.أول المؤشرات الدالة على تعقيد الوضع هو اتساع رقعة العمليات التي تقوم بها المجموعات الجهادية وتمرسها على حرب العصابات، وهو ما دفع بمدير الاستعلامات الأمريكي جيمس كلابير إلى التأكيد خلال لجنة الاستماع أمام مجلس الشيوخ الأمريكي في 29 جانفي الماضي بأن “إفريقيا وخاصة الساحل الإفريقي أصبحت حاضنة للمجموعات المتطرفة التي أضحت تشن هجمات تصاعدت حدتها وأضحت مميتة أكثر”.وجاء التصريح في أعقاب صدور التقرير السنوي الخامس حول الإرهاب في شمال إفريقيا والساحل لسنة 2013، والذي تضمن تأكيدا بأن “الهجمات الإرهابية في المنطقة عرفت زيادة بنسبة 60%، مع تسجيل 230 حادث وهو من أعلى المعدلات المسجلة منذ أحداث 11 سبتمبر 2001”. وشدد التقرير على بروز ما يعرف بقوس عدم الاستقرار الذي يشمل إفريقيا والشرق الأوسط، والذي بات يهدد أمن العديد من البلدان من بينها الجزائر.وتعتبر المتابعات الخاصة بمصالح الاستعلامات الغربية أن هناك تقاطعا بين المجموعات النشطة في منطقة الساحل وإفريقيا وشمال القارة، وعلى رأسها القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيم بوكو حرام في نيجريا، في وقت تعدد فيه الفاعلون في الميدان مع بروز تسميات وتنظيمات مثل الملثمون والموقعون بالدم وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وأنصار الشريعة النشطة في ليبيا بامتدادات تصل إلى تونس، كما أن هناك شبكات مصالح بين مجموعات التهريب والمخدرات وحتى المافيا الإيطالية بالخصوص وتنظيم القاعدة، مستندين إلى تقارير الوكالة الأمريكية لمحاربة المخدرات الذي يفيد بأن نسبة 60% من المجموعات المتطرفة المسلحة لها علاقة بتجارة المخدرات كوسيلة للتمويل، كما أنها ترتبط بمصالح مع المافيا في عمليات تزوير الوثائق. ويفيد ديوان الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة بوجود ما يعرف بالطريق السريع العاشر الواقع على خط الاستوائي العاشر الذي يعتبر أهم معبر لتجارة المخدرات بأنواعها باتجاه منطقة إفريقيا الغربية انطلاقا من أمريكا اللاتينية وأيضا من أفغانستان.وبعد العمليات العسكرية الفرنسية في مالي، اتضح أن “الأهداف المسطرة لم تتحقق، كما تبينت قدرة تنظيم القاعدة وروافده على القيام بعمليات عسكرية ذات أبعاد واسعة، على غرار ما تم في مركب الغاز بتقنتورين الذي كان له صدى كبير في المنطقة ودفع إلى إعادة النظر في الترتيبات الأمنية، كما دفع جيل دوكاركافي المنسق الأوروبي لمحاربة الإرهاب إلى التأكيد أن “العمليات العسكرية لن تنهي الإرهاب قريبا”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات