معلومات عن القضاء يجهلها القاضي والوزير لوح!

+ -

أثار حديث وزير العدل الطيب لوح، الخميس الماضي، عن ضعف التكوين العلمي للقضاة جدلا في الأوساط القضائية. وفهم قطاع من القضاة موقفه على أنه انتقاص من شأنهم ومن أدائهم المهني، فيما رآه آخرون أنه انتقاد مباشر لإصلاح العدالة الذي أنفقت عليه الدولة أموالا طائلة، كان نصيب التكوين منها كبيرا.انتقد لوح بشدة، أثناء زيارته المدرسة العليا للقضاء بأعالي العاصمة، مستوى الطلبة القضاة الذين يدرسون بها، فقد ذكر أنه لا يقبل قضاة بمعدلات 7 و8، وأعلن عزمه إعادة النظر في منظومة التكوين في إطار برنامج إصلاح العدالة ”الذي يهدف إلى بناء دولة القانون، وحتى يصبح تكوين القاضي الجزائري متماشيا مع المعايير الدولية”، على حد تعبيره.وتلقى قضاة في بعض الجهات القضائية، خاصة القدامى، باستغراب تصريحات وزير العدل ورئيس النقابة الوطنية للقضاة سابقا، فهي تعكس، حسبهم، عدم درايته بحقيقة وضعية قطاع القضاء الذي أشرف عليه زميله وزير الداخلية الطيب بلعيز، ولمدة 9 سنوات. وذكر قاض بالمحكمة الإدارية بالعاصمة، رفض نشر اسمه لـ«الخبر”: ”تصريحات الوزير تفتح النقاش من جديد حول موضوع الانتساب لمهنة القضاء الذي خضع للمراجعة في إطار برنامج إصلاح العدالة، على إثر صدور القانون العضوي المتضمن القانون الأساسي للقضاء سنة 2004، والذي تحدثت مادته الـ37 على شرط واحد فقط، يتعلق بوجوب حيازة المترشح لمهنة القضاء على الجنسية الجزائرية. أما الشروط الأخرى، فقد تركت للتنظيم أي السلطة التنفيذية ممثلة بالحكومة”.ولفت قاض آخر من مجلس قضاء العاصمة، إلى أن رئيس الحكومة السابق أحمد أويحي أمضى مرسوما صدر في تاريخ 20 أوت 2005، يحمل رقم 303، يتضمن تنظيم المدرسة العليا للقضاء وتحديد كيفيات سيرها وشروط الإلتحاق بها ونظام الدراسة فيها، وحقوق الطلبة القضاة وواجباتهم. وتناولت المادة 28 من المرسوم الحكومي الشروط المتبقية، منها المستوى التعليمي بوجوب حصول المترشح على شهادتي البكالوريا وليسانس حقوق معا على الأقل، وحددت السن الأقصى للمرشح بـ35 سنة.ولاحظ القاضي نفسه أنه لا القانون العضوي ولا المرسوم التنفيذي، حددا السنَ الأدنى الذي يجب أن يتوفر في الشخص الذي يرغب في الانتساب لمهنة القضاء، خلافا لما كان سائدا في الماضي. ففي ظل القانون الأساسي للقضاء الصادر في 1989، كان الحد الأدنى للعمل هو 23 سنة. أما الأمرية الرئاسية لسنة 1969 المتعلقة بالقضاء، كان الحد الأدنى 21 سنة. ويتساءل أصحاب الجبة السوداء عن السبب الذي دفع الوزير السابق الطيب بلعيز ومعه حكومة أويحي، وبرلمان عمار سعداني (حينها) وعبد القادر بن صالح، إلى إلغاء شرط الحد الأدنى للعمر للالتحاق بهذه الوظيفة الهامة في حياة أي مجتمع؟ وأي تفسير يعطى للاحتفاظ به بالنسبة لبعض أعوان القضاء مثل المحضرين القضائيين والموثقين (25 سنة)، وذلك في النصين التشريعيين الخاصين بالمهنتين الصادرين في 2006؟وقد أثبتت السلطة التشريعية في 2004، حسب قضاة، تخليها عن حقها في وضع شروط للالتحاق بسلك القضاء، تاركة الأمر للسلطة التنفيذية بالرغم من أنه عمل يدخل في صميم اختصاصها، بحسب نصوص الدستور. واللافت في القصة، أن المجلس الدستوري برئاسة القاضي السابق بمحكمة العدل الدولية محمد بجاوي، لم ”يتفطن” إلى هذا الانحراف في حق الدستور والمساس بمبدأ الفصل بين السلطات، عندما مارس المجلس الدستوري المراقبة القبلية على مدى دستورية نص القانون العضوي، المتضمن القانون الأساسي للقضاء!والخلاصة أن مشروع إصلاح العدالة، الذي أطلقه بوتفليقة في 1999 والتهم آلاف الملايير أنفقت في عدة أنشطة وبرامج، ومنها تكوين القضاة الذي انتقده الطيب لوح، أنجب في النهاية فضيحة تتمثل في حذف شرط السنَ الأدنى للانتماء إلى السلطة القضائية، ما فتح المجال أمام الأشخاص الذين لم يبلغوا 19 سنة، سن الرشد القانوني، ليصبحوا قضاة ويصدرون أحكاما باسم الشعب الجزائري!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: