+ -

 ارتسمت معالم الطريق الدستوري. لقاءات ثنائية داخل مكتب مكيف بالرئاسة، تجمع الوزير مدير الديوان بممثلي شركاء الرئيس. أكاد أقول بأن أويحيى وزير الدولة مدير ديوان الرئيس هو بمكانة الوزير نظام الملك من ملكه. لكن أتراجع عن المقارنة، لأمرين، أولهما أن نظام الملك كان وزيرا صاحب مشروع للدولة والمجتمع. ثانيا، أن نظام الملك لم يكن ليسقط في فخ التعالي بكلمات تكشف مكنونه، ولم يكن لـ”يستخسر الياغورت” على أضعف جزء من شعبه. ما يجمع بين الرجلين هو المنصب، والتشابه في الوظيفة. وما بقي، فهو الاختلاف بين شخصين، وبين شخصيتين، وبين مشروع يبني الدولة، وآخر يرمم ”السقف القصديري” للسلطة. ألم تعد مرارا وتكرارا بإصلاحات تخرجها من ”الانتقالية”؟ فماذا فعلت؟ إنها تعد بمرحلة انتقالية مرة أخرى.. تعد بمشروع من لا مشروع له. من حيث شكل صياغة التوافق في عملية التعديل الدستوري، حدد الرئيس سقف الحركة التي ستجري في مكتب تأثيثه جميل، تزينه صورة كبيرة للرئيس، أخذت له قبل سنوات من مرضه الأول، حين كانت تشع من وجهه علامات الصرامة. وغير بعيد عن الصورة، وضع علم أصغر من صورة الرئيس. وقرب العلم الصغير، ومن الصورة الكبيرة التي لا تخفى عن الأنظار في الأماكن العامة، ومعلقة على جدران بهو مراكز الدرك ومحافظات الشرطة، عندما تذهب لتَسأَل، أو تُسأل، وضعت مائدة غير مرتفعة، تتوسط مجموعة من الأرائك، مزينة بكاسات الشاي والقهوة، وصحون حلويات الجوز واللوز. لا المكان ولا الإطار، سيكونان مفتوحين أمام ”الفقاقير”. ولن يلحسوا عسل الجوز ولو بالعين. فهؤلاء سينتظرون قارئا يقرأ ما سيملى عليه في أخبار الثامنة. لن تصيبهم دهشة من نص البيان الرئاسي. ولن تثقب طبلة آذانهم، المتعودة على وعود لم يمل من قطعها الرؤساء أو المسؤولون على أنفسهم. فالآت سيكون كلاما، أكثره ممتلئا بالفراغ، مغلفا بالهواء المضغوط . كلام عن المزيد من الحريات وعن الكثير من الحقوق. 

لو كانت النوايا صادقة في صياغة دستور توافقي، لتم فتح الإطار ليخرج الحوار من مكتب إلى قاعة أبوابها مفتوحة أمام الجميع، يشرف على إدارتها من يختاره المشاركون. لكن السلطة لا تريد أن يكون التغيير شاملا. تريده بالقطعة لتواصل احتكارها وهيمنتها. وتريده تجميع الصياغات، سيتم سنها دون مشاكل. سواء عن طريق البرلمان، وسيكون الأمر أسرع من رفع الأيادي. أو عن طريق الاستفتاء، ولن يصعب على الحكومة تنظيمه، لما لها من الخبرة في تنظيم الانتخابات.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: