قواعد السياسة في الدول تحكمها أسس ونواميس لا تتغير بأمزجة الأشخاص والأفراد وإن كانت تتأثر بهم، ولكنها في عرف الدول المتخلفة رهينة الحاكم لا المجتمع بصورة مطلقة، حيث يتحدد مسار الأمم وفقا لأهوائهم، وتعكس مسألة تعديل الدستور الجزائري مرة أخرى، النزعة الانفرادية السائدة، حيث يخيط كل حاكم قوانين ودساتير على مقاسه، وقد عرفت الجزائر المستقلة وفقا لهذا المنطق دستورا على الأقل لكل زعيم أو رئيس، بداية بدستور 1963 لبن بلة، ثم دستور بومدين عام 1976، فدستور الشاذلي بن جديد عام 1989، ودستور زروال عام 1996، بينما تميز عهد بوتفليقة بدستورين سنتي 2008 و2014، وعليه تعيش الجزائر بأعلى معدلات تغيير الدساتير بمعدل دستور كل ثماني سنوات، وينطلق الحاكم من منطق أنه بيده الأمر والنهي وأن الرعية بل “الدهماء” لا خيار لها ولا تعي ما تريد، وأن الوصاية عليها واجبة، وعليه فإن دساتير الدولة هي أقرب إلى منطق تطبيق نظرية التعلم عن طريق المحاولة والخطأ لثرونـدايــك، أي أننا سنجرب ونخطئ إلى أن يأتي اليوم الذي يمكن أن ننجح فيه في النهاية، ولكن تكرار الخطأ مرارا يولد لدى الشعوب الإحباط واليأس من أفق قاتم، وهو ما يتجلى في صور الانتحار حرقا المتزايد في بلاد يفترض أنها من أوفر الدول حظا في المنطقة، ناهيك عن المشاهد التراجيدية لقوارب الموت، ولسان حال المستضعفين يقولون أنتم ملكتم السلطة والقرار واستفدتم من ظروف استثنائية بإيرادات فاقت 900 مليار دولار خلال 15 سنة، ولكن ماذا أنجزتم في واقع الأمر يا ترى، إلى أن أعدنا استنساخ الفشل ولم ننجح في اجتياز أي عقبة، لا حل لأزمة السكن ولا النقل ولا الصحة ولا التعليم، ولا حل لأزمة المرور، وسنظل نعيد إنتاج الفشل تلو الفشل لأننا نصر على قناعات وتصورات أكل الدهر عليها وشرب.ويذكر التاريخ أن أصحاب مشروع الماجنا كارتا عام 1215 في بريطانيا ونسختها المعدلة، يهدفون إلى إرساء ميثاق للحريات يضمن بألا تكون حرية الحاكم مطلقة وألا يشوب حكمه تعسف وانتهاك لحقوق المعارضين، وظل القانون ساريا كجزء من الدستور غير المدون، الذي يحكم إحدى الدول الديمقراطية داخليا والتي صانت الحقوق دون الحاجة إلى إحداث تعديلات مع تعاقب الحكام والملوك، لأن الأساس هو أن المؤسسات والدولة تعلو على الأفراد[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات