38serv
أعادت أزمة انقطاع الماء في العاصمة، الأسبوع المنقضي، لأربعة أيام كاملة، مشهد العشرية السوداء، إذ أخرجت نحو ربع مليون نسمة مسّتهم “أزمة العطش” في الأحياء المتضررة من بيوتهم بحثا عن “قطرة ماء”.بعد مسلسل انقطاع الكهرباء في عز أيام الصيف وبالتزامن مع شهر رمضان، ثم ندرة أكياس الحليب التي ذكرتنا بأيام طوابير “سوق الفلاح”، جاء الدور على الماء، عصب الحياة، ليكون أول عقوبة “يكافأ” بها المواطنون بعد ترسّم العهدة الرابعة.والغريب أو قمة الاستهتار بأبسط حقوق المواطنين، غياب المياه عن حنفيات العاصميين في كل من باش جراح، القبة، الدرارية، العاشور، الشراڤة، أولاد فايت، السويدانية، دالي إبراهيم والسحاولة، دون أن تكلف المؤسسة المسؤولة عن توزيع المياه في العاصمة نفسها عناء إخطار السكان بالانقطاع ليتحضروا “نفسيا وجسديا” لرحلة البحث عن الماء في كل مكان وفي أي مكان.. في مقرات العمل، المدارس، المساجد وغيرها من الأماكن التي تتوفر على خزانات كبيرة. فحتى أولئك الذين “دعموا” بيوتهم بخزانات ماء ذات سعة كبيرة، تحسبا لأي طارئ مماثل للأزمة الأخيرة، لم تصمد خزاناتهم لأربعة أيام، ليس بسبب “هدر” الماء في الأشغال المنزلية والاستحمام المتكرر بسبب الحرارة التي ميزت العاصمة مؤخرا، لكن لأن بيوت هؤلاء أصبحت “مزارا” لجيرانهم فقضت على مخزونها في فترة قصيرة.مياه معدنية لتحضير العشاءوما زاد من معاناة المواطنين، خاصة أولئك الذين يقطنون عمارات ذات طوابق عالية، أنهم تخلوا عن الدلاء البلاستيكية التي كانت من الضروريات في أيام “جا الما نوض تعمر” قبل “بحبوحة الماء” التي عرفناها في السنوات الأخيرة، وهو ما أنعش، ولو مؤقتا، تجارة هذه الدلاء التي “نفض عنها الغبار” لتزين واجهة الكثير من المحلات في العاصمة في الأربعة أيام الأخيرة.ولأن الجزائريين حتى مع “أزماتهم” يأخذون الأمور بسخرية علق البعض بأن “سيال” مشكورة على “تعطيشهم”، لأنها ساهمت في تعزيز صلة الرحم، لأن الكثير من العائلات “حجت” إلى بيوت أقاربها في البلديات التي لم يمسها الانقطاع.وحتى ربات البيوت المحرومات من زيارة بيت عائلتهن إلا في المناسبات، كن محظوظات في قضاء تلك الأيام في بيت الأم، فرب ضارة نافعة مثلما علقت إحداهن اضطرت لقضاء ثلاث أيام في بيت عائلتها رفقة طفليها لأنها لم تتمكن من طهو حتى طعامها الذي حضرته في اليوم الأول بماء معدني. وحتى بيوت الله التي لا يزورها البعض إلا في أيام الأعياد أو الجمعة، استقبلت أعداد كبيرا من المتضررين الذي لجأوا إلى المساجد من أجل التزود بالماء، وصلاة ركعتين لعل الماء يعود إلى حنفياتهم.المدارس ومقرات العمل كانت أيضا ملجأ للكثير من المتضررين الذين يقطن أغلبهم في عمارات ذات طوابق عالية، لا تشتغل مصاعدها في الغالب، وتصوروا معاناة أطفال في عمر الزهور، حاملين دلاء في مثل وزنهم لبلوغ البيت، والعودة مجددا لملء البقية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات