دخلنا مرحلة تعديل الدستور، فبماذا سيختلف الأمر عما سبقه من جولات، عندما عرفت فيها دساتير الجزائر وعودا بالتحسين؟ وأي علو سيبلغه سقف التفاعل مع مطالب التغيير التي تطالب بها الجزائر؟ القواعد التي يقف عليها نظام الحكم في الجزائر، غير مؤهلة لتتحمل ثقلا بحجم مطالب التغيير نحو الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والمواطن. وإن كان الخطاب الرسمي لا يتقبل المواقف التي تتهمه برفس الحقوق والحريات، فهو يدرك أنه هو أول من يلتف على القانون باسم القانون وأنه هو وحده من يعصف بشكل دوري بالدستور بحجة التعديل أو التغيير.شيء جميل أن يحمل الخطاب الآتي صداه من خلف قلاع الحكم، عبارات بحجم ”دولة القانون”. ويمكن تصور أو توقع استفاقة ضمير. ويمكن أخذ الأمر على أنه اعتراف بتقصير سابق وأيضا، يمكن النظر إليه على أنه مجرد حيلة، ونوع من الدهاء في تسيير أزمة سياسية عميقة بأساليب عقيمة. ماذا كان يمنع الرؤساء، بن بلة وبومدين والشاذلي وزروال وبوتفليقة من بعث دولة القانون؟حكموا شعبا باسم إرادة الشعب. قدسوا شعبا إلى حد الإهانة، حين جعلوا منه الشعب البطل، القاصر غير المؤهل ليختار.ما عرفته الجزائر من تعديل وتغيير على النص، كان أكثر قربا من فن الخداع. فما تم من تدابير جاء ليجسد رغبة ذاتية طامعة في كسب كل الوقت من أجل الاحتفاظ بالسلطة. وإلى آخر حملة انتخابية للرئاسيات، تمت مقايضة أمن المجتمع واستقراره، بمدى استمرارية نمط ونوع من الحكم.لم يعد الحديث عن ”الإصلاحات” يثير حتى مجرد الفضول، وأضحت قيم ”دولة القانون” بلا قيمة و«لا شرف”. تشطرها الأنياب قطعا، كما تقطع الفريسة. فأي سقف ستبلغه ورشة تصليح الدستور؟ وهل العودة إلى عهدتين والتنصيص على صلاحيات أوسع للبرلمان أو للوزير الأول أو تبني حرية التعبير كفيلة بتحقيق المنصوص عليه؟ نكون كمن يكذب على نفسه لو نصدق ذلك، لأن النص يبقى فريسة معزولة. فقبل اليوم، لم يستطع دستور 96 الدفاع عن نفسه. ولا استطاعت الدساتير من قبله، لأن المشكلة ليست في نص، هي في طموح ارتبط بسحر النفوذ وممارسة السلطة. وما يبدو من الاقتراح الرئاسي، أنه لا يوجد قلب لما يراد تغييره. ويستند النص على قاعدة أن ما سيتم منحه في الدستور في مجال الحريات والحقوق، ستتم مصادرته بالقانون، بعد إصدار القوانين التنظيمية. هذا هو الدرس الأساسي الذي استوعبناه من تجارب الحكم مع الدستور. فالتغيير الآتي قادم من زمن ”نعم ولكن..”. نعم للحريات وللحقوق، لكن بشروط تحدد قواعدها السلطة لوحدها، في شكل قوانين، تفرغ الدستور من محتواه[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات