+ -

 بدا رئيس المجلس الشعبي الوطني، العربي ولد خليفة، أمس، بعد سنتين ونصف السنة في رئاسة المجلس، كالجاهل بأحكام القانون الداخلي لهيئته، وضحية التجاذبات الحاصلة في حزبه، ورهينة لإملاءات الحكومة التي فرضت عليه برمجة نص قانون والنواب منشغلون بمناقشة قانون آخر، ما جلب الفوضى والاحتجاجات خلال الجلسة العامة.وجد ولد خليفة صعوبة في إقناع النواب، وخصوصا من حزب العمال وتكتل الجزائر الخضراء، بشرعية وجدوى القرار، وأسمعه جلول جودي، رئيس كتلة حزب العمال، كلاما قاسيا، واتهمه صراحة بخرق أحكام القانون الداخلي للمجلس.وأعلن جودي، في جلسة صبيحة أمس، مقاطعة نواب حزبه مناقشة قانون تبييض الأموال. وحاول النائب عبد الناصر حمدادوش، عن كتلة الجزائر الخضراء، طلب نقطة نظام للتعبير عن نفس الموقف، غير أن ولد خليفة رفض تمكنيه من ذلك، بينما لم ينتظر زميله عبد العزيز بلقايد ترخيصا من ولد خليفة، وراح يهاجم قرار برمجة مناقشة دون إعلام النواب بأسبوع قبل برمجة المناقشة، واحترام الهيئة أحكام القانون. واعتبر بلقايد أن الوضع بيان على تردي حالة المجلس، غير أن ولد خليفة رد عليه تهمة عدم احترام أحكام القانون الداخلي عندما تكلم من دون إذن.وأمام اختلاط الأمور على ولد خليفة الذي عجز عن تبرير الوضع القائم، تدخل وزير العدل لاستعطاف النواب للقبول بمناقشة النص، مبررا حشر مشروع تعديل قانون مكافحة تبييض الأموال في أجندة المجلس على عين غرة، بـ”الالتزامات الدولية للجزائر”، أي الاستجابة لتوجيهات مجلس الأمن بهذا الخصوص.غير أنه أعرب عن استعداده لتأجيل النص الثاني إلى افتتاح الدورة الربيعية المقبلة في مطلع مارس المقبل، شرط المصادقة عليه قبل الاحتفال بالعيد العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن مارس من كل سنة.وعوض أن يعود ولد خليفة إلى مكتبه لإيجاد مخرج قانوني للوضع، راح يشاور النفر القليل من النواب الذين تابعوا المشهد، بخصوص موعد البرمجة، قبل أن يستقر الرأي على مناقشة مكافحة تبييض الأموال، مساء أمس، وتأجيل قانون العقوبات.وبعد استراحة الغداء، استؤنف القصف الكلامي بين ولد خليفة ونواب المعارضة، وتدخل لخضر بن خلاف، رئيس المجموعة البرلمانية لمجموعة العدالة والتنمية، للاحتجاج على الوضع، وتأسف لحال الهيئة حيث أصبحت “هيئة تنفيذ زيادة على كونها هيئة تسجيل فقط”.وبدا غير مقتنع بمبررات الحكومة بالطبيعة الاستعجالية للنص، ما دام مجلس الوزراء صدّق عليه في 30 ديسمبر الماضي، ليخلص للقول: “إن ما حدث لا يشرف المجلس”، قبل أن يقاطع بالطرق على الطاولات والصراخ من نواب في الموالاة.غير أن رئيس المجلس، العربي ولد خليفة، لم يصمت، حيث توجه لبن خلاف بالقول: “كانت لديك فرصة لإثبات أنك لست مع الإرهاب”. وأثار تعليقه ثورة لدى جناح النائب بسبب ما حملته زلة لسان ولد خليفة من تلميحات مسيئة.وجاء الدور على رئيس المجموعة النيابية لحزب العمال، جلول جودي، الذي قرأ تصريحا حمّل فيه رئيس المجلس شخصيا المسؤولية المباشرة عن الوضع، وغادر رفقة نواب حزبه الجلسة.وقبل انصرافه، خاطبه رئيس المجلس ودعاه لسماع رده الرسمي، غير أن جودي رد عليه بأنه “ليس بحاجة لذلك” وغادر القاعة. واستند ولد خليفة إلى نفس الأحكام التي اعتمدتها المعارضة للطعن في شرعية الجلسة والبرمجة، وهي المادة 17 التي تنص: “يمكن للحكومة، حين إيداع مشروع قانون، أن تلح على استعجاليته. عندما يصرح باستعجال مشروع قانون يودع خلال الدورة، يدرج هذا المشروع في جدول أعمال الدورة الجارية”. كما أبرز أنه “تم احترام الإجراءات المنصوص عليها في القانون الداخلي”، غير أن هذا لم يحدث، حسب مصادر نيابية متطابقة، فالأغلبية الساحقة من أعضاء مكتب المجلس أكدت لنا أن المكتب لم يجتمع وأن النص برمج في غفلة من العربي ولد خليفة الذي وجد نفسه أمام الأمر الواقع. فالمكتب، حسب مصادرنا، لم يجتمع أمس ولا الليلة التي سبقته.ويتجنب ولد خليفة جمع مكتبه لتفادي صدام مع قيادة الأفالان التي تصر على حرمان نائبه، معاذ بوشارب، من حضور الاجتماع. ورغم الدعم المحدود الذي حصل عليه ولد خليفة من بعض نواب الصف الثاني من الموالاة، فقد فضل رئيس كتلة حزب جبهة التحرير الوطني، الطاهر خاوة، ورئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي وكذا نواب الرئيس الصمت، رافضين المشاركة في المهزلة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: