+ -

 الاضطرابات الاجتماعية والسياسية التي تعصر البلاد أضرّت بالاقتصاد الوطني أكثر من الإرهاب.هل يعقل أن تبقى المناوشات الاجتماعية بين الحكومة والنقابات في قطاع التعليم قرابة 15 سنة، ولا تنتهي... احتجاجات حول الأجور وحوار يؤدي إلى حوار وإضراب يسلم القطاع إلى إضراب آخر، والوزراء والحكومة يؤكدون أنهم استجابوا لمطالب العمال المضربين، والمضربون يوقفون الإضراب بعد الحوار مع الحكومة للتفرغ لتحضير إضراب آخر وليس التفرغ للعمل؟!أين الخلل؟! هل الحكومة هي التي لا تملك الجدية المطلوبة لحل مشاكل قطاع عمال التعليم والتربية والتعليم العالي.. أم أن عمال هذا القطاع هم الذين استحلوا العمل بالإضراب عوض العمل بالعمل؟!صحيح أن الحكومة فتحت عليها نار جهنم عندما ألغت القانون العام للعامل، وفتحت المجال لسياسة معالجة الأجور قطاعا بقطاع، وبذلك سنّت قانون القوة في اكتساب الحقوق.. فمن يملك قوة شل الحياة في قطاعه له الحق في الحصول على ما يريد من مطالب !إذا كان لنا أن نحاسب الحكومة على أنها بقيت 15 سنة وهي “تتعافر” مع عمال قطاع التعليم والتربية والتعليم العالي ولم تحل مشاكله، سواء المتصلة بأجور العاملين أو بالأشياء الأخرى المتصلة بالإصلاح.. فإنه أيضا يتعين علينا أن ندعو العمال أيضا إلى محاسبة هذه القيادات العمالية النقابية التي بقيت 15 سنة وهي تمارس عمليات شل القطاع بالإضرابات ولم تصل إلى النتائج المطلوبة؟! لا يمكن أن تقول: إن الحكومة وحدها هي التي فشلت في تسيير القطاع، بل لابد أن تقول أيضا إن القيادات النقابية هي أيضا فشلت في تسيير الإضرابات.. أو لنقل بصراحة إنها استحلت البقاء في حالة إضرابات مستمرة.الرأي العام ضجر من حكومة فاشلة تحوّلت إلى “جهاز مطافئ” تجري بخراطيم أنابيب عائدات حاسي مسعود وراء النيران الاجتماعية الهائلة التي تنشب هنا وهناك لإطفائها أيام الإضرابات في المدارس والجامعات، أكثر من أيام الدراسة والعمل... وعمليات الاحتجاج بسبب السكن الاجتماعي والماء والغاز والكهرباء والعمل، أكثر من أيام الهدوء! فكيف يمكن لبلد يعيش مثل هذا الغليان أن يتحدث عن التنمية التطور والاستقرار؟!أخطر ما يواجه البلاد أن الحكومة والأحزاب ومؤسسات الدولة والنقابات أصبحت ترى في الاضطرابات الاجتماعية مسألة عادية يمكن التعايش معها... لهذا طوّرت الحكومة جهاز الشرطة وصرفت عليه ما يعادل ما تصرفه دول أخرى على جيوش بأكملها!كل ذلك من أجل الوصول إلى حالة من الفعالية في مواجهة هذه الاحتياجات أمنيا.. فابتلع الأمن مقدرات البلد الباقية من الإنهاك الاجتماعي بالاضطرابات... هذا ما أنجزه حكم بوتفليقة طوال 15 سنة من الترقيع والاجتهاد في تسيير الأزمة... ليس إلا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات