نشبت، أمس، أزمة بوزارة الخارجية الفرنسية فجّرها سفير فرنسا بإمارة أندور (جنوب أوروبا) المستقيل من منصبه، السيد زهير قدادوش الذي ينحدر من أصول جزائرية، إذ اتهم مسؤولي الوزارة بـ”ممارسة التمييز العرقي” في توزيع المهام والمناصب على الكوادر الدبلوماسية، وقال المتحدث باسم الوزارة رومان نادال إن اتهامات قدادوش “لا تقوم على أي أساس”.نشر موقع الإذاعة الفرنسية “فرانس أنفو”، رسالة رفعها السفير السابق إلى الرئيس فرانسوا هولاند تناول فيها تصرفات وممارسات منسوبة لمسؤولي وزارة الخارجية، تضرب في الصميم مبادئ حقوق الإنسان التي تقوم عليها الدولة الفرنسية، فقد تحدث فيها عن “رفض للعربي في الوزارة” وعن “مواقف مهينة تعرّض لها”.وقال قدادوش في الرسالة السرية التي تم تسريبها للصحافة الفرنسية: “علمت لأول مرّة بأن اسمي قد يكون عائقا يحول بيني وبين بعض التعيينات، كما علمت بوجود تصرفات قائمة على التمييز يمارسها موظفون كبار في الكي دورسي (وزارة الخارجية)، يعتقدون بأن البيت (الوزارة) ملك لهم”. ويقول قدادوش الذي كان قنصلا عاما لفرنسا ببلجيكا عام 2008، إن الدبلوماسيين الذين يحملون أسماء ذات أصل أجنبي، يتعرضون للتمييز. وتحدث عن “أفكار منمّطة مرتبطة بطبقة معينة”، في إشارة إلى مسؤولين بالوزارة ينظرون لغير الفرنسي بنظرة عنصرية.وأضاف قدادوش بأنه هو شخصيا “واجه الإهانة والرفض”، ويقصد بـ«الرفض” أنه ممنوع من تولي مناصب ووظائف معينة في السلك الدبلوماسي. ويعطي تفاصيل بهذا الخصوص، فيقول: “أبلغت بأن اسمي يعيق الوصول إلى بعض المناصب. لقد كان مفترضا أن أعيّن قنصلا عاما في أنفرز (بلجيكا)، ولكن شرحوا لي بأن اليمين المتطرف المتواجد هناك والجالية اليهودية الكبيرة (بالمنطقة)، قد يكونان عائقا لي أثناء تأدية مهامي يوميا”، وأضاف: “لا يوجد ما يرخَص للجمهورية أن يكون لها مثل هذا التصرّف”.ويواصل السفير السابق شرح شعوره بالتمييز في السلك الدبلوماسي الفرنسي، فيقول: “قبل أن أصل إلى أندور، أفهموني بأنه لا يمكنني أن أحصل على نفس التسهيلات في عملي (مقارنة بمن سبقه إلى المنصب). وكل تعييناتي في المناصب جرت في ظروف يندى لها ومخزية ومهينة. إن التمييز العنصري سلسلة من الإهانات المتكررة، ففي الإدارة الفرنسية يوجد موظفون كبار، ليس كلهم، يعطون لأنفسهم الحق بتوزيع المناصب”.وأعلن قدادوش عن رفض دعوى قضائية لدى وكيل الجمهورية بباريس، تحمل تهمة “التمييز والتصرفات العنصرية داخل وزارة الخارجية”، وقال إنه “يملك معطيات دقيقة وأدلَة تثبت أن الكي دورسي استعمل وسائل تتعارض مع الجمهورية. وإذا كان قدري أن اسمي زهير قدادوش وأدافع عن نفسي، فأنا أفعل ذلك من أجل كل الذين لا يستطيعون القيام به”، وذكر بأنه “يتمنى اتخاذ إجراءات عقابية وإنشاء لجنة للتقصي في أعمال التمييز بالوزارة”.وكذَبت الوزارة، أمس، على لسان الناطق باسمها رومان نادال، ما ورد على لسان السفير المستقيل، وقال نادال بمناسبة الندوة الصحفية اليومية التي يعقدها إن “التهم الخطيرة بالعنصرية والتمييز التي وجهها السيد قدادوش للوزارة، لا تقوم على أي أساس وهي مرفوضة”، وأوضح بأن مهام التفتيش والتقييم الدورية الجارية بالوزارة “لم تشر أبدا إلى وجود عنصرية وتمييز بين الموظفين”، وأضاف بأن الدبلوماسي ذا الأصول الجزائرية، لم يتحدث أبدا عن ممارسات عنصرية أثناء لقاءاته بالمفتشين، وإن قدادوش “اختار بنفسه العودة إلى سلكه الأصلي (المفتشية العامة للتربية الوطنية)، بينما اقترحت عليه مناصب أخرى في الشبكة الدبلوماسية”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات