عرض الخبراء الاقتصاديون أمس صورة سوداء عن الواقع الاقتصادي الوطني جراء عدم وجود حوار حقيقي بين الفاعلين في القطاعين العام والخاص، نتج عنه قرارات فردية غالبا ما تكون غير متوفرة على الشرعية المستمدة من ضرورة إشراك الأطراف الأخرى ذات العلاقة، الأمر الذي يستدعي مراجعتها أو إلغاء العمل بها بمرور وقت قصير. وفي هذا الشأن، قال خبير الشؤون الاقتصادية محمد بوشاكور إن لوبيات تعطل الحوار الاقتصادي، وأشار إلى عدم وجود نقاش فعلي بين الفاعلين في القطاعين العمومي والخاص، إلاّ ما عبّر عنه بالحوار الضمني، لا يمكن له إيجاد الحلول للإشكالات الاقتصادية الجدية أو إلزام جميع الأطراف بالمشاركة في تطبيق استراتيجية موحدة.وأشار المتحدث خلال الندوة المنظمة من طرف نادي التفكير والنشاط حول المؤسسة ”كار”، إلى التناقض الصارخ في الرؤى بين السلطات العمومية التي تعتقد بان كل شيء جيد تقريبا، وبين فاعلين آخرين في الاقتصاد يرون عكس ذلك، وقال إن كل طرف يناقش القضايا الاقتصادية بواسطة ”مونولوغ” داخلي دون إشراك الآخر، إذ في وقت ”تتباهى” السلطات العمومية بلقاءات الثلاثية، مبادرات المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، والميثاق الاقتصادي والاجتماعي، كآليات لجلوس الفاعلين على طاولة الحوار، يرى الطرف المقابل أنها مجرد لقاءات شكلية لحل أزمات ظرفية، من منطلق أنها تكرس قرارات مركزية بعيدة عن الواقع وتبحث عن مجرد الصدى الإعلامي.وأضاف محمد بوشاكور أن هذه الوضعية أنتجت العديد من السلبيات، أبرزها عدم استفادة السلطات العمومية وأصحاب القرار من الخبرة الميدانية للشركات والمتعاملين، لتجعل القرارات في غالبية الأحيان مفتقدة إلى الشرعية التي يحميها الإجماع، فضلا عن ضعف الدقة واحتمال أن تكون لها إسقاطات ضيقة أو سلبية تفرض إعادة النظر فيها.وذهب الخبير الاقتصادي والمحافظ السابق للبنك المركزي عبد الرحمن حاج ناصر إلى نفس الاتجاه، مشيرا إلى إشكالية تطبيق الأنظمة الموجودة في شكل قوانين وتجسيدها ميدانيا، ما جعل الحوار الاقتصادي حاليا يتم بين أطراف غير محددين أو لا يتمتعون بالشرعية التمثيلية، لتنتج كما قال الوضعية الحالية القائمة على محاولة تسيير الأزمات الآنية، استراتيجية ترتكز على قرارات أفقية فردية تتناقض مع الواقع الاقتصادي.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات