سيدي الرئيس الدستور “طاب جنانو”

+ -

 لا يمكن أن ننسى ذلك الخطاب الذي هزّ أرجاء الجزائر، الذي مرت ذكراه الثانية منذ ثلاثة أيام، رغم أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ألقاه في مدينة سطيف سنة 2012، حين قال يومها “أن جيلنا طاب جنانو”. تنفس جيل الاستقلال يومها الصعداء، لأن هذا النظام الذي حكم منذ 1962، بالاستناد على الشرعية الثورية، قد فهم أخيرا أن الوقت حان لتسليم المشعل لجيل الاستقلال لتسيير البلاد. لكن الجنان “طاب”، ونفس القائمين عليه، هم من جنوا ثماره في “العقدة الرابعة”، التي لم يتوقعها أحد إلا “حراس الجنان”. إن التذكير بهذا الخطاب الرّنان وما آلت إليه الأمور بعد ذلك، جاء بعد ظهور إرهاصات “العقدة الرابعة”، التي إذ نسميها بهذا الاسم فلأنها فعلا “عقدة” في حلق النظام، الذي استشرف وحسب فقط لمرحلة الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع وإعلان النتائج، بأن يخرج سالما ويتلقى ويواجه صدمات الإعلان عن نتائج الانتخابات، لكن بعدها “لكل مقام مقال”.. لكن رفض المعارضة المشاركة في الحكومة، بعد أن فهمت كل أطيافها اللعبة، أضف إلى ذلك الجو العام غير المريح، دفع محيط الرئيس إلى الإسراع في إبداء نية التغيير، والانطلاق في مشاورات أخرى لإعداد مسودة جديدة للدستور.. إن العودة إلى ذلك الخطاب هو للتذكير بحقيقة واحدة، أن هذا النظام مهمته الأساسية هو ربح الوقت وامتصاص كل رغبة في التغيير وتمييع المواقف، وهو أيضا محاولة للقيام بدراسة مقربة وجس نبض الواقع، ليس من أجل التغيير الحقيقي، لكن من أجل فك شفرات الساحة السياسية الملغمة بكل أنواع الرفض وعدم الرضا، لإعداد ما يُمَكِّن هذا النظام من التحكم في ميكانيزمات الوضع السياسي وكبح لجام المعارضة، مع استشراف كل محاولة انقلاب عليه مهما كانت بسيطة أو محدودة.. إن النظام الذي يرسل إشارات لكل الأطياف السياسية والشخصيات الوطنية اليوم من أجل تعديل الدستور، هو نفسه الذي “طاب جنانه” يوما ما وهو نفسه الذي وعد بالإصلاحات العميقة، ثم انقلب عليها، وبدلا عن ذلك قام باختراقات للدستور.. هذا النظام هو نفسه الذي روج للعهدة الرابعة والذي سيدجن المعارضة، وعلى كل القوى الحية أن تدرك أن من عجز عن التغيير مدة 15 سنة، رغم ما عرفه العالم من هزات كثيرة، لن يغير اليوم، بل إنها مجرد لعبة لربح الوقت من أجل التسلح للمرحلة القادمة وليس الرئيس ومحيطه والنظام الذي “طاب جنانو”، بل إن الدستور هو الذي “طاب جنانو” منكم ومن كثرة “الرفس والعفس عليه” سيدي الرئيس..

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات