”الليبيون أمام سيناريو التوافق أو الانفجار”

+ -

كيف تنظرون للأزمة السياسية التي تعيشها ليبيا على خلفية النزاع على منصب رئيس الحكومة؟في الواقع، هذه الأزمة جاءت لتُضاف لقائمة طويلة من الأزمات السياسية والأمنية التي تعيشها ليبيا منذ الإطاحة بنظام العقيد القذافي، وفي اعتقادي أنه من السهل تفهم حالة الفوضى التي تعيشها ليبيا بسبب غياب أدنى مستويات الممارسة السياسية ولا أقول الديمقراطية في هذا البلد على مدار أكثر من 4 عقود، هناك من ينظر للأحداث في ليبيا على أنها أسوأ نموذج لما يحدث في دول الربيع العربي، شخصيا لا أتفق مع هذا الطرح، ببساطة لأن كل التركيبة في ليبيا تختلف كليا عما هي عليه في تونس أو مصر مثلا، بل وتختلف حتى عن اليمن، إذ لا وجود لمجتمع مدني قادر على أن يقوم بدور قوة فاعلة ومحركة مثلما حدث في تونس، كما أنه لا وجود لمؤسسة أمنية عسكرية قوية قادرة على ضبط الانفلات. ما يحدث أن الشعب الليبي والقيادات الليبية الحالية، على الرغم من كل الفوضى والانفلات الأمني الحاصل، تسعى لخلق توافق ووضع لبنات أولى لمؤسسات دولة، ولا يمكن تصور أن تتم عملية الانتقال من العدم إلى شيء مؤسس دون مخاض عسير.تبدو وجهة نظركم فيها الكثير من التفاؤل على اختلاف التحليلات التي ترى أن ليبيا باتت قاب قوسين من الحرب الأهلية؟أنا لست مطالبا أن أكون متفائلا أو متشائما، أنا أستنطق الوقائع والمعلومات المتوفرة، وما يتوفر لدينا من معلومات يؤكد أن هناك انتشارا كبيرا للأسلحة ونزاعات سياسية كبيرة والكثير من التناقضات بين أنصار الفيدرالية وأنصار الدولة المركزية، إلى جانب الخلافات القبلية والعرقية بين العرب والأمازيغ والسود وغيرهم من التركيبات البشرية المتنافرة فيما بينها، في الوقت الذي يتنازع السياسيون على طبيعة النظام هل سيكون رئاسيا أو برلمانيا، وما إلى ذلك من المتغيرات والخلافات التي تجعل من ليبيا اليوم على فوهة بركان قابل للانفجار في أي لحظة، في مقابل هذه الحقائق نجد أن هناك رغبة قوية لدى الشعب الليبي للإسراع في عودة الاستقرار، وشهدنا كيف كانت الانتفاضة على حكومة علي زيدان لعدم احترامها للآجال المتفق عليها لصياغة الدستور وتنظيم الانتخابات، كما شهدنا مظاهرات مدنية سلمية تطالب بنزع الأسلحة عن الميليشيات، هي مسائل كثيرة عالقة لكنها مؤشرات على إمكانية التوصل إلى توافق بين الليبيين والخروج بشيء يكون أرضية انطلاق لبناء ليبيا الغد التي تقوم أساسا على مؤسسات الدولة.وأي من هذه المؤشرات السلبية والإيجابية التي ستغلب في نظركم؟يصعب التنبؤ بشكل دقيق، وما نقوم به من تحليل يبقى نسبيا، لأن الواقع أكثر تعقيدا من التصور النظري، خاصة أن هناك نوايا لتجاوز الأزمة، حين نرى مثلا التوافق الحاصل على مكانة الدين في الدستور، نتصور أن الفرقاء الليبيين قادرين على توسيع دائرة توافقهم لأكثر من هذه النقطة، حتى أزمة الحكومة الحالية يمكن تجاوزها بتوافق الليبراليين والإسلاميين، وفي كل الأحوال ليس هناك شغور، باعتبار أن حكومة الثني مستمرة في مهمة تصريف الأعمال، أكثر المخاوف حاليا هي الانتشار الكبير للسلاح وإمكانية تحالف هذا السلاح مع السياسة، من قبل أن تقوم نزعات انفصالية تؤيدها قوة السلاح، في هذه الحالة قد ينفجر البركان الليبي وتتحول إلى بؤرة توتر تمتد لكل الدول المجاورة، مثلما حدث في مالي.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: