+ -

فشل القائمون على مشروع ديزيرتاك في تحقيق الحلم الذي راودهم وتصدير الطاقة الكهربائية انطلاقا من دول الجنوب إلى أوروبا. ورغم انضمام العديد من البلدان، من بينها الجزائر، إلى المشروع، إلا أن المشروع الذي راوح مكانه لسنوات يعرف انسدادا كاملا، على خلفية انسحاب العديد من الشركات والهيئات المؤسسة لمشروع كانت الجزائر ستكون فيه إحدى الحلقات الهامة.وشكلت سلسلة الانسحابات لكبار الشركات مثل سيمنس وبوش وبيلفينغر وايون، الضربة القاضية لمشروع قدرت تكلفته الإجمالية بحوالي 400 مليار أورو. وطرحت شركات وبنوك ألمانية مبادرة ‘’ديزيرتاك’’ لتزويد أوروبا بالطاقة المتجدّدة الشمسية والرياح بالخصوص، انطلاقا من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لتصل نسبة الطاقة التي تضمنها المنطقة إلى 20 في المائة في غضون 2025، علما بأن المشروع أطلق من ميونيخ الألمانية في 13 جويلية 2009 على أيدي نواة تضم 12 شركة وبنكا ألمانيا، توسعت إلى 18 هيئة وشركة وبنكا، من بينها شركة سيفيتال الجزائرية الخاصة. وبعد تحفظ جزائري لمدة سنة، خاصة من قبل وزارة الطاقة والمناجم في فترة رئاسة السيد شكيب خليل، أبدت الجزائر خلال زيارة الرئيس بوتفليقة إلى ألمانيا في 7 ديسمبر 2012 استعدادها للانخراط في المشروع في مرحلته الأولى، أي الدراسات، وهو ما تم بعدها من خلال اتفاقية موقّعة بين سونالغاز وشركة مبادرة ديزيرتاك الصناعية التي تؤطر المشروع.  وكانت الجزائر، التي تعتبر من أهم حلقات المشروع، بالنظر لقدراتها وتجربتها في مجال الطاقات المتجددة، وتسجيل عدد من المناطق مثل ‘’أدرار’’ و’’تمنراست’’ وأقصى الجنوب الجزائري لنسبة استقبال أشعة الشمس بما يعادل 3000 ساعة سنويا، قد طرحت عدة إشكاليات، سواء أتعلقت بكيفية التمويل أو شروط إقامة المحطات في بلدان الجنوب.وافتكت دول الجنوب ما بين 2009 و2010 عددا من التنازلات، مثل التأكيد على إشراك المؤسسات المحلية وإنشاء مناصب شغل محلية بالأساس، ولم يتم بعدها الحسم في كيفية تمويل المشروع ككل لضخامة المبالغ المالية. وقد قوبل المشروع بترحيب من مؤيدي الطاقات المتجددة، وبتشكيك من مؤيدي الطاقة النووية. المشروع العملاق الألماني سرعان ما نافسه مشروع فرنسي مماثل، ترانس غرين، رغم التحفظات السابقة التي أبدتها باريس التي كانت تحاول التركيز على تطوير البديل النووي بالدرجة الأولى، واعتبرت مشروع ديزيرتاك مكلفا. لكن حادثة فوكو شيما دعم الخيار، ومع ذلك ظل المشروع أيضا يراوح مكانه لتكاليفه الكبيرة.وتمثل مشروع ديزيرتاك في إقامة محطات في دول الجنوب، منها المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر والعربية السعودية، لتوليد الطاقة لتمد أوروبا بالكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.ومن ضمن الشركات المشاركة في المشروع، العملاق شركة ‘’أر دابليوأو’’ الألمانية للطاقة ومنافستها ‘’إيون’’ ومجموعة شركات سيمنس للصناعات الإلكترونية ومصرف ‘’دويتش بنك’’، بالإضافة إلى شركات التصنيع في مجال الطاقة الشمسية مثل الإسبانية ابنغوا سولار والجزائرية سيفيتال. وقدرت تكلفة المشروع الأول والأضخم من نوعه في العالم بنحو 400 مليار أورو، لاستغلال الصحراء في حل أزمة الطاقة في أوروبا، ثم في العالم، واتفقت الجهات المشتركة في المشروع على تشكيل شركة استشارية مشتركة تحت اسم ‘’دي.أي.أي’’ وضعت المعالم الرئيسية للمشروع والبحث عن طرق تمويله وتقديم خطة استثمار محددة خلال ثلاث سنوات من تأسيس الشركة.وكانت المبادرة تهدف لبناء شبكة ضخمة لمحطات توليد الطاقة الشمسية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط لتزويد أوروبا بـ20 في المائة من الطاقة ‘’النظيفة’’، ونقل الكهرباء المتولدة إلى أوروبا عبر شبكات كهرباء الضغط العالي العادية، ولكن لم يتم الاتفاق بشكل محدد حول الأماكن التي ستقام فيها المحطات الحرارية لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.وقد حاولت المغرب في فترة تردد الجزائر جعل الرباط كدولة رائدة لاستقطاب المشروع، إلا أن قدرات المغرب تبين محدوديتها، خاصة وأنها تستورد الكهرباء من اسبانيا، كما أنها تحاول إقامة صناعة هجينة لتطوير الطاقة البديلة بفضل الغاز الجزائري، في وقت قامت الجزائر بإقامة محطة هجينة بحاسي الرمل بقدرة 150 ميغاوات وتشكيل سونلغاز لمشروع صناعة الألواح الشمسية، إضافة إلى مشروع ”كوندور” ومشروع جزائري فرنسي بمعية مجموعة فانسون.وبعد تأكد فشل المبادرة، عمد القائمون إلى إعادة تحوير المبادرة إلى مشروع أوروبي أوروبي بالدرجة الأولى، خاصة مع الأوضاع المتقلبة في دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، رغم إعلان دخول معهد البحث الصيني للطاقة الكهربائية في شركة دي.أي.أي، في ديسمبر الماضي،  ليتأكد فشل ديزيرتاك عن تحقيق الحلم الذي راود الألمان بالدرجة الأولى.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: