يوم آخر لأداء اليمين والقسم على احترام الدستور والسهر على استمرارية الدولة. قسم جديد، سيسبق تعديلا جديدا. والحال، فإن ما تبشر به، منذ أسابيع، بعض ”طيور” الرئيس، يدفع إلى توقع صدور نسخة السلطة، بمباركة أحزاب. أقسم الرئيس على احترام دستور سيغيره بعد أسابيع أو بعد أشهر، وسيكون له ولمحيطه أن يغيروا ما شاؤوا ويأتون بما يشاؤون. سيكون من السهل عليهم اختراع مواد ”تفكهم” من التعهد ومن الالتزام بقسم سيكون في محل خبر كان. من طرائف صناعة الدساتير في الجزائر، ستبقى تجربتي 1963 ثم 2008 كلوحتين رسمتهما ريشة فنان محترف في التقليد، يخطط ويبيع لمن يريد أن يشتري التقليد. رسمت لوحة 1963 بقاعة سينما في العاصمة وتمت لوحة 2008 بنادي الصنوبر في العاصمة، وفي الحالتين جاء ”العبث الدستوري” كنتيجة توافق تحقق حول الرئيس. ولا يوجد ما يشير إلى أن التوافق الذي تتحدث عنه طيور الرئيس يشمل المعارضة، بل أغلب الظن، سيتم تمرير التعديل على الطريقة التقليدية والمعهودة، الرسام المقلد معروف. لكن، من الذي يشتري لوحة مقلدة؟ الهيئة الانتخابية أم أحزاب ”الغراب” التائهة؟ فهي لم تكن من السلطة وهي ليست من المعارضة.أقسم الرئيس أنه سيحترم الدستور. وكان الرئيس قد أقسم مرة أولى ومرة ثانية على احترامه. وفي يوم من الأيام، ظهر له أنه يمكن التنصل من التعهد بالاعتماد على لغة التغيير، فكان ما كان. قرّر البقاء بعد وفاق بين السلطة، والآتي لن يخرج عن قاعدة هذا الوفاق. لم يكتشف الرئيس بوتفليقة هذا السّر في الحكم الآن. كان ضمن جماعة رفعت بن بلة وضمن الجماعة التي رسمت دستور 63 وسنه يتجاوز السادسة والعشرون بخمسة أشهر. هو خريج مدرسة بنيت مناهجها على قاعدة الولاء للمجموعة، فكيف سيشبب فكره اليوم؟بكل تأكيد انتبه الرئيس، وغيره من أبناء جيله، إلى كيفية صعود ثم سقوط بن بلة وكيف كان مآل بومدين أو الباب الذي خرج منه الشاذلي، ثم زروال. كلهم كانوا هنا، في الجزائر بالمرادية، يخططون ويأمرون. وفي النهاية، جمع بينهم الخروج من القصر. ذهبوا وتركوا وراءهم نداءات استغاثة، تطالبهم بفعل شيء من أجل مستقبل كريم. يتعاقب الرؤساء وتطبع الدساتير، وحال البلد على ما هو عليه من عطش للحريات وجوع في الحقوق. تعاقب الرؤساء على تسويق صور مقلدة، فكانوا سببا في صعود من كان يجب أن يبقى ”تحت” وهبوط وأحيانا اختفاء من كان يجب ترقيته.التفاصيل التي بنيت عليها انتصارات آخر الانتخابات، تفضح تلك الرغبة في حب التملك والاستحواذ وتعكس كرها وحقدا لكل معاني التداول. فالنخبة الحاكمة وحلفاؤها من المعارضة غير مستعدين للمساس بالموازين التي تحقق استقرار واستمرار النظام، هم بذلك ”محافظون” للعهد وللمصالح المتبادلة. وسيكون التعديل الدستوري المرتقب بمثابة ”النفس” الجديد الذي ستزفره السلطة على وجه وأنف كل حالم غير حليم، يتسرع من أجل الحريات.وسيعاد السؤال غدا أو بعد غد: ”السيد الرئيس، كنتم هنا، فماذا فعلتم؟”. وسيكتب التاريخ: ”كان من بين الذين كانوا هناك، حكموا بالوعود، وسيروا بالعود، وباعوا أحلاما مقلدة”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات