صدر عن دار الهدى للطباعة والنشر كتاب بعنوان ”الإعلام والقانون” للأستاذ طاهري حسين، وهو عبارة عن دراسة مقارنة تناول فيها المؤلف في 263 صفحة، في المقام الأول، أخلاقيات المهنة الصحفية في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ثم في الجزائر.يعدّ كتاب ”الإعلام والقانون” مرجعية حقيقية في فهم تطور القوانين المتعلقة بالإعلام وأخلاقيات المهنة، حيث يتناول علاقة القانون بالإعلام من جوانبه المختلفة في ثلاث إشكاليات رئيسية ”أخلاقيات المهنة الصحفية” و«المسؤولية الجنائية للصحفي” و«المسؤولية المدنية للصحفي”. ويورد الكتاب مجموعة من الأمثلة عن تاريخ وضع أسس أخلاقيات المهنة، حيث ظهر أول ميثاق في فرنسا سنة 1918 عن النقابة الوطنية للصحفيين الفرنسيين، وهو أول تقنين سنّ في فرنسا ضم جملة من المبادئ والواجبات ومنها مسؤولية الصحفي عما تضمنه مقالاته من قذف وافتراء وتوجيه الاتهامات إلى الآخرين دون أدلة وتحريف المعلومات وتشويه الأحداث والكذب. أما عن الحقوق فاعترف المؤلف للصحفي بها ومن ذلك الحق في الوصول الحر إلى مصادر الإعلام وحرية الصحفي العمل لدى المؤسسة الإعلامية وفق ضميره ومعتقده، بالإضافة إلى حق الصحفي في التمتع بالعلاوات والمزايا وأجر محترم، وتوفر الضمان المالي أي راتب كاف من شأنه أن يكفل ضمان حريته المالية.تعرض الكاتب، من جهة أخرى، إلى وضع أخلاقيات المهنة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ظهرت أول نقابة من خلال قانون الآداب، وانخرط فيها عدد كبير من الصحفيين وعدّل القانون سنة 1973، وضم جملة من المبادئ ومن ذلك المسؤولية بتمكين الجمهور من الاطلاع ومعرفة الأحداث ذات الأهمية والمصلحة العامة، وعدم استخدام الوضع المهني لأغراض شخصية ضيقة والتحلي بالصدق والموضوعية في التعاطي مع الحقائق والوقائع والأخبار، وعدم التعرض للحياة الشخصية للأفراد بغرض التشهير وفي ذلك مسّ مضر باعتبارهم وشرفهم. ويضيف الكاتب ”أما بريطانيا، فقد تبنّت النقابة الوطنية للصحفيين سنة 1938 قانون السلوك الذي تضمن مجموعة من المبادئ، منها محاربة التشويه والحذف والرقابة وعدم التدخل في الحياة الشخصية للأفراد ورفض الرشوة وكل نشاط من شأنه المساس بحرية الصحفي والامتناع عن تشجيع الميز العنصري القائم على أساس العرق واللون والجنس”.وتوجه الكاتب إلى تناول وضع الإعلام في الجزائر، لمحاولة مقارنته مع ما سبق ذكره. وقد ظهرت أول منظمة للصحفيين سنة 1967، تحت اسم اتحاد الصحفيين الجزائريين، ووضعت كأهداف لها الاهتمام بالجانب التكويني للصحفيين، حيث كان الصحفي مناضلا أينما وجد والموقع الذي يتواجد فيه، في خدمة السلطة القائمة آنذاك وفي خدمة الحزب الواحد والمنهج الاشتراكي المتبع. وفي هذه الحالة، لا مجال للحديث عن أخلاقيات المهنة. وتضمن القانون الصادر 29/02/1968 بعض الواجبات والحقوق كما تضمن دستور 1976 بعض المبادئ، ويتعلق الأمر بالحريات العامة وحقوق الإنسان وحرية التعبير.قدم الباحث مميزات المرحلة إلى غاية 1988، حيث جاء عهد التعددية بمفهومها الواسع وجاء قانون 1990 وأنشئ المجلس الأعلى للإعلام بعد إلغاء وزارة الإعلام، ومن أهدافه الحرص على التعددية والحرية الإعلامية، وقدمت الحكومة وقتها قروضا مالية لكل صحيفة وتميز القانون باهتمامه بالصحافة المكتوبة وإهماله وسائل الإعلام الأخرى.جاء قانون 2012، حسب الأستاذ طاهري، ليحدد المبادئ والقواعد التي تحكم ممارسة حق الإعلام وحرية الصحافة، وتضمّن جملة من المبادئ، ومن ذلك احترام قوانين الجمهورية والدين الإسلامي وباقي الأديان والهوية الوطنية والقيم الثقافية للمجتمع ولسيادة ووحدة الوطن. كما تضمّن القانون بعض أخلاقيات المهنة، منها احترام شعارات الدولة ورموزها والتحلي الدائم بتقديم الخبر الكامل والموضوعي ونقل الأحداث بنزاهة وعدم التعرض للأشخاص أو تعريضهم للخطر أو انتهاك الحياة الخاصة والآداب العامة. وتعرض الكاتب، في فصوله الستة، إلى جانب ما سبق، إلى عدة قضايا تتعلق بالإعلام، منها جرائم الصحافة والأحكام الخاصة في الجرائم الصحفية والمسؤولية المدنية للصحفي، والتعويض. وخلص الكاتب إلى أنه من الضروري إيجاد ميزان بين الحرية والمسؤولية في مجال الإعلام، وقدم في الأخير مجموعة من الاقتراحات، منها إيجاد تنظيم إعلامي عادل يوفر الضمانات الكافية لحرية الإعلام وأيضا احترام التعدية الإعلامية وترقية الممارسة الإعلامية وغيرها من المقترحات.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات