وافق صندوق النقد الدولي أمس على خطة مساعدة لأوكرانيا بقيمة 17 بليون دولار، مع اقراره بـ «الأخطار» المتصلة خصوصاً بالتمرد الموالي لروسيا في شرق البلد. وقالت المديرة العامة للصندوق كريستين لاغارد، إثر اجتماع لمجلس إدارته: «كان ضرورياً القيام بعمل عاجل». وتتيح موافقة الصندوق الإفراج «الفوري» عن قرض أول بقيمة 3.2 بليون دولار لكييف، ما يجعلها تتنفس الصعداء في ظل ما تعانيه من اختناق مالي وتراكم لفواتير الغاز التي ينبغي أن تسددها إلى روسيا. وتمهد موافقة الصندوق الطريق لمانحين آخرين كالاتحاد الأوروبي و»البنك الدولي» بهدف التوصل إلى خطة إنقاذ شاملة بقيمة 27 بليون دولار. لكن القروض المقبلة لصندوق النقد سيُفرَج عنها على مراحل وشرط أن تطبق كييف برنامجاً تقشفياً حازماً يرسي قواعد «نمو دائم» وفق المؤسسة الدولية. وأقرت لاغارد بأن «هناك أخطاراً مرتبطة بتطبيق» هذا البرنامج، لافتة خصوصاً إلى التوترات «الجيوسياسية» بين كييف وموسكو. وأول من أمس وُضعت القوات المسلحة الأوكرانية في حال استنفار في محاولة للقضاء على الحركات الانفصالية في الشرق الذي يشكل احدى الرئات الاقتصادية للبلد. وخسارة هذه المنطقة الصناعية بعد شبه جزيرة القرم ستشكل ضربة قاسية للقدرات الاقتصادية لأوكرانيا. واعتبرت لاغارد ان «تصعيداً جديداً للتوترات مع روسيا والاضطرابات في شرق البلد تشكل خطراً فعلياً على الآفاق الاقتصادية» الأوكرانية. وأعربت أيضاً عن قلقها من تأثير العقوبات الغربية على موسكو التي شُددت والتي تهدد بتداعيات مباشرة على أوكرانيا. وقالت لاغارد: «على خلفية العقوبات، فإن كل ما يُضعف الوضع الاقتصادي لأوكرانيا سيؤدي إلى اعادة النظر في تطبيق البرنامج». وتطالب روسيا التي دخلت رسمياً مرحلة انكماش وفق الصندوق، بـ 11.4 بليون دولار من المتأخرات الناتجة من خفض الأسعار الذي منحته لأوكرانيا في الأعوام الأخيرة، فيما تطالب مجموعة «غازبروم» الروسية بـ 2.2 بليون دولار ثمناً لإمدادات الغاز الأخيرة. وأوضحت مديرة صندوق النقد أن الأخطار التي تهدد برنامج المساعدة تنبع أيضاً من الوضع السياسي الداخلي. وكانت سلطات كييف التي طلبت في بداية آذار (مارس) مساعدة «صندوق النقد» أعطت مؤشرات إلى عزمها على سلوك الاتجاه المطلوب عبر خفض الدعم على منتجات الطاقة ما سيرفع أسعار الغاز 50 في المئة، وهو اجراء طالب به «صندوق النقد» منذ فترة طويلة. لكن أوكرانيا تستعد لانتخابات رئاسية في 25 ايار (مايو) والقرارات غير الشعبية التي يطالب بها الصندوق سيكون لها وقع سيء على الرأي العام. وأوردت لاغارد في بيان ان برنامج الإصلاحات يلحظ خفض العجز العام إثنين في المئة من إجمالي الناتج المحلي خلال عامين وتجميد زيادة الحد الأدنى للأجور والرواتب في القطاع العام بهدف «الحفاظ على التنافسية». وما يزيد صعوبة المهمة ان الاقتصاد الأوكراني سيتراجع بنسبة خمسة في المئة هذه السنة وفق الصندوق. وصرحت لاغارد: «سنحاول تقليص هذه الأخطار بأكبر قدر ممكن»، موضحة أن الصندوق سيُجري عمليات التدقيق الدورية كل شهرين وليس كل ثلاثة أشهر كما هي الحال عادة، وذلك لتفادي أي انحراف في المالية العامة. وتجربة أوكرانيا مع «صندوق النقد» غير مشجعة، إذ أن خطَي القرض السابقين، 16.4 بليون دولار في 2008 و15.1 بليون دولار في 2010، أوقفا سريعاً بسبب رفض سلطات كييف. واعتبر وزير الخزانة الأميركي جاكوب لو أن تبني خطة المساعدة يشكل «مرحلة أساس»، مؤكداً أن أوكرانيا «عازمة» على تطبيق الإصلاحات التي يطالب بها الصندوق.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات