+ -

 يبدو أن كل شيء في بلادي أصبح يسير في اتجاه معاكس، منذ أن تمّ “العفس” على الدستور سنة 2008، واختار الرئيس أن يسير في اتجاه معاكس لعدد العهدات التي أقرّها هذا الدستور، مقررا الترشح ولو على كرسي متحرك لعهدة رابعة، عكس كل مرشحي دول العالم، وهو ما أثار استغراب واستهجان أنظار المجتمع الدولي، المتعجب لشعب يقارب تعداده الأربعين مليون لم يجد غير رجل مقعد ليرأسه، وهو المشهد ذاته الذي قرأ بطريقة عكسية من قِبل الشعب الجزائري، وخاصة النساء اللواتي قررن منح هذا المرشح، “المسكين” في اعتقادهن، أصواتهن كعربون تضامن معه واعتراف بالخدمات التي قدمها لهن خاصة، أوَلسنا نسير في اتجاه معاكس حينما نرى رئيسا مترشحا يمثل السلطة الحاكمة، يشتكي معارضه الأساسي لممثلي دول أجنبية؟ ألم تأت نتائج الانتخابات معاكسة لسير الحملة الانتخابية؟ فوكلاء الرئيس المرشح لم يجدوا غير التعنيف والسب والشتم والقذف بشتى الأشياء خلال تنشيطهم لحملته الانتخابية داخل وخارج الوطن، ومع ذلك فقد حصل “فخامته” على الأغلبية الساحقة. ألم تكن هذه الأغلبية الساحقة معاكسة تماما لنتائج العهدة المنقضية، حيث أفقدت الرئيس خمسة ملايين من مسانديه السابقين؟ كما أن تأكيدات المعارضة بخصوص نسبة المشاركة في هذه الانتخابات جاءت معاكسة لما أعلنت عنه وزارة الداخلية والمجلس الدستوري، بتقديمهما نسبة فاقت الخمسين بالمائة ولم تتعد لدى المعارضة العشرين بالمائة، أولَم يقل المنافس الأساسي للرئيس المترشح، علي بن فليس، وهو صاحب أكبر التجمعات من حيث الحضور الشعبي والتعبئة الجماهيرية، بأن ساعات فقط تفصله عن قصر المرادية؟ فجاءت النتائج معاكسة لتوقعاته، وامتد حلم وصوله إلى السلطة إلى سنوات وربما إلى سراب، كل هذه الممارسات والظواهر المعاكسة للمنطق والمخالفة للواقع، تؤكد بأن البلد يسير في الاتجاه المعاكس، وقد يعود بنا إلى عهد الستينيات والسبعينيات، خاصة في مجال الحريات والديمقراطية والتداول على السلطة، وهو العهد الذي لا يعترف سوى بالزعيم والواحد والحزب الواحد والإعلام الواحد، وهو العهد الذي لا يمكن أن يتجسد إلا من خلال نظام جمهوري يقوم على التوريث، تحاول السلطة القائمة فرضه ويصرّ الأحرار من الشعب على رفضه[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات