هل يحق لـ8 ملايين منتخب أن يحددوا مصير 50 مليون جزائري في 2025؟ هذا السؤال الهام يطرح نفسه بإلحاح، لأن العهدة الحالية للرئيس بوتفليقة ستكون مصيرية على مستقبل الجزائر: إما نحو الصعود الذي لم يتحقق طيلة 15 سنة سبقتها، وإما باتجاه الانتكاسة المتوقعة في حال استمرت نفس السياسات المنتهجة.قد يقول القائل إنها اللعبة الديمقراطية وعلى الجميع احترام رأي الأغلبية. ولكن المسلم بالنتائج الرسمية، رغم كل ما يطالها من تشكيك، يخرج باستنتاجات خطيرة، أهمها أن هذه الانتخابات قد تكون الأكثر عزوفا في العالم في تاريخ الانتخابات الرئاسية، ما يجعلنا أمام أضعف رئيس للجزائر المستقلة من الناحية السياسية، بغض النظر عن العوامل الصحية الأخرى التي تزيد من قدرته على تحمل تبعات هذه المرحلة المفصلية تعقيدا.يقتضي هذا الواقع المخيف، من صناع القرار في الجزائر، أن يعمدوا إلى صناعة توافقات واسعة مع كامل مكونات الطبقة السياسية والمجتمع المدني، ليرسموا معالم المرحلة القادمة، من ناحية الإصلاحات الواجب المبادرة إليها للإجابة عن أسئلة المصير التي وجدت الجزائر نفسها في مواجهتها بعد 15 سنة من فشل ذريع على جل المستويات.في غضون عشر سنوات فقط، سيقفز عدد سكان الجزائر إلى 50 مليون نسمة، مع كل ما سيحمله ذلك من عبء على فاتورة الاستيراد التي ستتضاعف إلى مستويات مهولة بفعل ضعف الإنتاج، لأن نسبة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الخام، حسب توقعات الحكومة، لن تتجاوز 8 بالمائة في 2020، ما يعني مزيدا من التبعية للخارج.والأدهى أن هذا التاريخ يتزامن مع شروع الجزائر رسميا في التبادل الحر الخالي من الرسوم الجمركية مع الاتحاد الأوروبي، ما سيؤدي إلى إضعاف النسيج الصناعي المترهل الذي تمتلكه الجزائر بفعل المنافسة غير المتكافئة مع دول شركاتها تحوز التكنولوجيا والخبرة.ومقابل هذا الواقع سيلبي الإنتاج الجزائري من الغاز والبترول بالكاد استهلاكنا الداخلي. وعلى فرض أن قوتنا التصديرية بقيت على حالها، من سيضمن لنا بقاء الموارد الأحفورية التقليدية، كمصدر أول لإنتاج الطاقة في العالم وفي مستويات أسعارها الحالية؟المصيبة الكبرى، أن الرئيس بوتفليقة لم يعرض برنامجا أمام الجزائريين حتى نتبين معالم عهدته القادمة. كل ما كان يردده وكلاؤه في الحملة الانتخابية كان عرضا منمقا لحصيلته الهزيلة على المستوى الاقتصادي، ووعودا عن استكمال برنامج السكن والبنى التحتية واستحداث مناصب شغل هشة مبنية في الأساس على الريع، ما يجعلنا أمام نفس السياسات المنتهجة التي أهملت الإنسان كمورد مدر للثروة خلال 15 سنة. وللعاقل أن يتصور كيف أن نفس الأسباب ستؤدي إلى نتائج معاكسة !لم يخطئ الخبير الاقتصادي عبد الحق لعميري حينما ذكر في كتابه الأخير، أن سيناريو الكارثة ينتظر الجزائريين في حال استمر الحال على ما هو عليه. وبالتالي ليس من حق بوتفليقة أن ”يزدم” ومن معه بالجزائر كما يشاؤون، ولهم جميعا نقول: كفاكم لعبا بمصير الجزائر لأن ”هزة البرميل” لن تستثني منا أحدا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات