من بين المقولات التي ”أبدعها” وكلاء ”الرابعة” قول أحدهم، والاسم ليس مهما لأن أي واحد منهم هو الآخر، لغة ومنطقا، ”..جزائر بوتفليقة بخير”!ولن أقول للرجل: إذا كانت ”جزائر بوتفليقة” وجزائركم بخير فإن جزائر الجزائريين ليست بخير، ولكن أقول له: لا أنت مصاب بالعمى السياسي.. وأنت متناقض مع نفسك ومتقلب الفهم والتقدير. جزائر بوتفليقة هل تريدها جزائر مدنية أم عسكرية، وهل تريدها مع الفريق توفيق أم من دونه؟على العموم، جزائر ”الرابعة” التي يراها وكلاؤها بخير، هي جزائر من غير مؤسسات ومن غير حكومة ومن غير برلمان ومن غير مجالس منتخبة ومن غير مشاركة الجزائريين، جزائرهم جزائر مريضة بنظامها السياسي ومريضة بقلب الحقائق وتصوير الفشل نجاحا.. والجزائر مريضة بتعليمها الخاوي ومريضة بصحتها المعلولة ومريضة برداءتهم، مريضة بجهلهم، مريضة بغرورهم، مريضة بمصالحهم التي لا يضبطها قانون، مريضة بالفساد وانعدام الرقابة، مريضة بأحزاب سُلطتِها العاجزة والمتكلسة، مريضة بكل هذه الأمراض ومع ذلك هم لا يرون شيئا من هذا.. وذلك هو المرض الأخطر..جزائر ”الرابعة” مريضة بفقر وكلائها السياسي والمعرفي والأخلاقي، مريضة بسلطة الأوهام وأوهام السلطة المطلقة، مريضة بأوهام الانتصار بالتزوير على الشعب ومريضة حتى بوهم انتصار البعض على البعض وبإسكات الناس وحتى قتل طموحاتهم وقتل وطنيتهم وقتل كبريائهم وكسر حبهم للتحدي. هذه الأمراض قاتلة وهي كانت قاتلة لنظام بن علي وقاتلة لنظام مبارك وقبلهم لأنظمة الكثير من المستبدين.الجزائر اليوم جزائران، جزائرهم وجزائرنا.. والهوة بينهما تزداد اتساعا وتتجه باتجاه قطيعة حادة. القطيعة الحادة إما أن تكون من أجل تصحيح يبدأ من القطيعة مع أوهامهم في أن يفرضوا علينا جزائر يحتكرون فيها كل شيء ويتلاعبون فيها بحرية بالثروة بالدولة بالتاريخ والحاضر والمستقبل، وإما أن تكون استمرارا وتكريسا لغيهم وضلالهم وتوسيعا لتوجهات الفساد والإفساد وتوسيعا وتعميقا للهوة الفاصلة بين الجزائريين.جزائر الاستبداد لا يمكن أن تنتج إلا الاحتجاج والثورة.. جزائر الأحادية لا يمكن أن تنتج التوافق ولا يمكن أن تنتج إلا التنافر والتصادم والثورة.جزائر الاحتكار لا يمكن أن تنتج التسامح والتعايش ولا يمكن أن تنتج إلا الغضب والحقد وحب الانتقام.. جزائر ”المرض السلطوي” لا يمكن أن تنتج الاستقرار ولا يمكن أن تنتج إلا دوافع التذمر والتمرد وكل أشكال الفساد الصغير منه والكبير.جزائر بوتفليقة، ومن اعتمد عليهم ليكونوا ناطقين باسمه، يريدونها أن تكون جزائر الرجل الواحد وجزائر السلطة المطلقة والأبدية ويريدونها أن تكون ”جملكية”..إنهم يقولون لنا: إنهم، مثلما أفسدوها وعبثوا بدستورها، فهم سيصلحونها، ولكن فقط بما يضمن مصالحهم واستمرار سلطتهم وبما يحمي فسادهم. وتلك أوهامهم الرديئة التي لا ينبغي ولا يمكن أن تستمر..هم يدركون أو لا يدركون أن الشعور بالظلم هو أول شعور بالثورة، ولا يدرون أو يدرون أن احتكار السلطة واحتكار الثورة تنتج عنه، دائما في كل المجتمعات وعبر كل حقب التاريخ، الثورات وانكسار الأنظمة.طبعا قد يكون ذلك غير مهم بالنسبة لهم. فالاستمرار في تكديس الأموال، ومهما كانت الفترة التي يمكن أن يستمر، كله أرباح ومنافع، وبعدها لكل حادث حديث.. وهم، مثل كل الطغاة، مستعدون لـ”الهرب”..لا حتى جزائرهم ليست بخير لأنهم غير قادرين على جعلها بخير، فأساليبهم عاجزة رديئة ولا ذكاء يذكر فيها. لماذا؟ لسبب بسيط إنها تقوم على التسلط فقط، وليس على الإقناع. إنها تقوم على التزوير وعلى شراء الذمم والإفساد وعلى الإسكات وعلى توسيع دولة اللاقانون ودولة اللادولة ودولة اللاأخلاق..لقد ”فازوا!” وأحزنوا الكثير من الجزائريين، لقد ”فبركوا” فوزا ضد المنطق والواقع وضد جل الجزائريين.. ولكنهم يدركون أو لا يدركون أنهم فشلوا لأنهم اضطروا لاستخدام أساليبهم القديمة وفشلوا لأن رداءتهم انكشفت أكثر ولأن رفض المواطنين لهم كان واضحا، على الرغم من أن أدوات الإغراء غير السياسية الفاسدة المفسدة كثيرة عندهم، نعم فشلوا بالخصوص لأنهم جعلوا مصالحهم فوق مصالح الجزائر والجزائريين ولأن حساباتهم صغيرة وتافهة في الغالب..لقد فشلوا في التغلب على أطماعهم وفشلوا لأن المنطق يجافي تصرفاتهم وقراراتهم .. لهذا فالجزائر مريضة بهم مريضة لأنها تفشل أمام رداءتهم وتفشل أمام حبهم المرضي للسلطة .. فكيف نعالج أمراضهم ومن يستطيع ذلك؟ [email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات