استمرار بوتفليقة في الحكم ليس نهاية العالم، بل فرصة سانحة لمن أراد التغيير من القوى التي تطلق على نفسها ”الحية”، لمواصلة الحراك السياسي السلمي، الذي بدأته بمناسبة الرئاسيات.وخلافا للكثير من القراءات التي تقول باستمرار الاستبداد، فإن ساعة التغيير قد دقت رغم حالة اليأس التي يجب على دعاة المقاطعة والتغيير التخلي عن النظرة الضيقة والانطلاق لاستباق ومنع تمرير الدستور الجديد بالمحتوى الذي أراده المحيط الرئاسي.ورغم ما شاب العملية الانتخابية من أحداث ومخالفات، إلا أن هناك مؤشرات إيجابية تلوح في الأفق بميلاد قوة سياسية متجانسة، ظاهريا، من حيث الهدف والإصرار في العمل لخدمة مستقبل هذا الوطن والشعب.فلأول مرة ينزع وصيف الفائز بالرئاسة لتأسيس تكتل أو حزب يملأ الفراغ المسجل في المشهد السياسي من جراء تشرذم التيار الإسلامي المنهك بالخلافات الشخصية وغياب الكارزمية لدى رموزه، وضعف تجذر التيارات الأخرى في المجتمع، أما بسبب النزعة الجهوية أو الارتهان للمنطق الإيديولوجي، على حساب المجتمع وتطلعات أفراده.كما أن هناك عدة عوامل تلعب لصالح دعاة التغيير، والذين وقفوا خلف شعار المقاطعة والتفرج من بعيد على ما أسموه بـ”الرئاسيات المهزلة”، وهو حالة الانكسار النفسي وسط التحالف الرئاسي من مختلف المستويات الحزبية والسياسية والإدارية و”الوكلاء”، بسبب الشعور بعدم القبول من طرف فئات واسعة من المجتمع لأطروحاتهم خلال الحملة الانتخابية، وهي ”حركة” لجأ إليها الرئيس بوتفليقة لإثبات ”وجوده”، رغم وضعه الصحي الذي لم يكن له أي تأثير على نتائج الاقتراع.إن هزيمة بن فليس الثانية، برهنت على أنه باستطاعته أن يكون لاعبا أساسيا وفاعلا في الساحة الوطنية، إذا ما وفق في الاستفادة من نتائج الطيب بلعيز وترجمها إلى هياكل وبرامج بناء لقواعد شبانية تؤمن بمشروعه التجديدي، الذي حتما يصب في خانة المصلحة الوطنية، مهما بلغت حدة العداء الذي يكنه له خصومه في الطرف الآخر.ولما كانت السياسة فن الممكن، ولغة تتحكم فيها المصالح، فإنه حري بالقوى الجديدة، التفكير بجدية ودون انتظار في وضع لبنات عمل طويل الأجل يضع نصب عينيه الاستعداد لتسلم المشعل من جيل أعطى الكثير للأمة وللوطن، رغم كبواته وإخفاقاته التي تعبر عن قصور في الرؤية وإفراط في الأنانية في كثير من الأحيان.وعليه، فإن التغيير الحقيقي الذي لطالما انتظرناه، بدأ من تاريخ الجمعة 18 أفريل، ولا ينبغي الانهيار أمام باقة الوعود والتعهدات التي التزم بها الرئيس بوتفليقة ووكلاؤه الذين ستبين الأيام أنهم لن يكون بوسعهم الاستمرار، لأنهم برهنوا بما لا يدع أي مجال للشك أنهم بعيدون جدا عن الشعب ولا يفهمون لغته، وأن نزولهم إليه كان اضطراريا ولإرضاء بوتفليقة فقط[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات